سافانا الثقافي -قصة “الرجل الذي صنع من زوجته سندوتشات نقانق” !الكاتبة منال عبدالحميد “لويزا بيكنيز” Louisa Bicknese هي امرأةٌ أمريكية سيئةُ الحظ, في البداية بدَا وكأنها أكثرُ النساء حظًّا في العالم؛ إذْ تزوَّجت برجل مهاجر, ألماني الأصل, ورجلِ أعمال ثري, يملك أكبرَ مصنع للنقانق في شيكاغو.
كان الزوج يدْعى “أدولف لوتجيرت” Adolph Louis Luetgert, وكان أرملَ معَ طفلين, تزوَّجته “لويزا” عام 1878م, وعاشا معًا حتى عام 1897م, حيث رزقَا بأربعة أطفال. كان للسيد “لوتجيرت” مصنعٌ شهير للنقانق, ولُقِّب بملك النقانق, لكن طباعه كانت سيئةً إلى حدٍّ ما, فقد كان عنيفًا تجاه زوجته, كما شوهِد ذاتَ مرَّة وهو يطاردها حاملًا مسدسًا. لكن على أي حال, ففي أوَّل أيام شهرِ مايو من ذلك العام خرجتِ الزوجة لزيارةِ أختها, وقال الأبُ ذلك لأطفاله حينما سألوا عنْ والدتهم في اليوم التّالي, غير أنَّ “لويزا” لم تعدْ من زيارة أختها مطلقًا. بدأتِ الشكوك والتساؤلات, ولاحقًا قامَ شقيق الزوجة المفقودة بالإبلاغ عن فقدانها.
“أدولف لوتجيرت” وضحيَّته: كانَ عليه أن يكون أكثرَ اهتمامًا بالأعمال المنزلية ليفْلِتَ بفعْلته!
ثمَّ ظهرت أدلةٌ مقلقة حول تورُّط الزوج في مصاعبَ مالية, وعلاقته بأرملةٍ ثرية, مما دفع البعضَ إلى الاعتقاد بأنه تخلص من زوجته ليتزوَّج الأرملة, ويحسِّن وضعه المالي. أثناءَ التحقيق, قال حارسٌ يعمل في مصنع “لوتجيرت” إنَّ الزوج وزوجته شوهدَا يدخلانِ المصنع معًا ليلة 1 مايو؛ الليلة التي اختفتْ فيها “لويزا”, ولم تُرَ مرَّة أخرى. تعاظمتِ الشكوك وبدأت عملية تفتيشٍ واسعة للمصنع, أثناءَ ذلك وُجدت بقايا عظامٍ دقيقة في إحدى آلات الفرمِ التي تُستخدَم لطحن اللحم المستعمَل في صنْع النقانق, وكان الشكُّ في البداية أنَّها عظام أحدِ الحيوانات التي تستعمَل في المصنع, لكن إثبات هوية العظام كان شبه مستحيلٍ حينها, وهذا ما أدَّى إلى إفشال المحاكمة الأولى للوتجيرت, التي جرتْ في أغسطس من نفس العام, لكن ظهور أحدِ الأنثروبولوجيّين البارعين, وهو “جورج آموس دورسي”, الذي تمكن من تأكيد كوْن العظام بشرية, وحدَّد الجزء الذي تنتمي إليه كلّ شظيةٍ ضمنَ الجسد البشري؛ جعلَ القضية محسومة, وحينما أُعيدت محاكمةُ السيد “لوتجيرت” في يناير من العام التالي, أُدين استنادًا إلى الأدلة الجنائية الخاصَّة بالعظام, إضافةً إلى فواتير تثبت شراءه لموادّ مَشبوهة, مثل الزرنيخ وغيره قبيلَ اختفاء الزوجة مباشرة, وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة!
زعمَ “لوتجيرت” براءته, وادَّعى أنَّ زوجته هربتْ مع رجل آخر, وظهر عدَّة شهود في المحكمة, قالوا بأنَّهم رأوا ” لويزا لوتجيرت” حيَّة تُرزق في مناطقَ متفرقةٍ من الولايات المتحدة, لكن وجود الزوجة على قيد الحياة لم يثبت, بينما أثبتت العظام, وخاتم يعودُ إلى الزوجة عُثر عليه في إحدى الآلات الخاصَّة بالمصنع, أكدت كلها ضُلوعَ الزوج في قتل زوجته.
لم يقضِ “أدولف لوتجيرت” إلّا أقلَّ من عامين من مدَّة محكوميته؛ إذْ توفي في فبراير 1898م جرّاء تصلُّب الشرايين, وظلَّ حتى وفاته يدَّعي أنه بريء.
اشتهرتِ القصَّة, وكانت تلك أولَ قضية يُستعمَل فيها دليلٌ علمي أنثروبولوجي في إثبات الجرم على المتهم, كما ذاعَ في الأوساط الشعبية أنَّ “لوتجيرت” قد قام بطحْن زوجته بعد قتْلها, وحوَّلها إلى نقانق وأطعهما لزبائنَ منتجات مصنعه, غير أنَّ هذا الزعم لم يثبتْ قط, والأصحُّ أنه أذابها باستخدام الأحماض, ثمَّ طحنَ بقاياها وأحرقَها في الموقد بداخل المصنع, الذي وجدتْ به بقايا محترقة كريهة الرائحة جدًّا!
كان وجودُ بقايا العظام والخاتم في الآلات, التي يبدو أنَّها تُركت فترةً طويلة بدون تنظيف جيد؛ هو السببَ الأساسي في سقوطِ ملك النقانق القاتل في يدِ العدالة المقدسة!