سافانا الأدب والفنسافانا مختاراتسافانا مقالات الرأى

“آما آتا أيدو” العقل المستنير الذي أنجبته دولة غانا

العنصر الشفهي في سرد ​​القصص والحكايات الأفريقية

 

“لا أحد يخبرني أن الكتابة حكراً فقط على الرجال… لقد تعلمت دروسي المستفادة عن قضايا المرأة فى موطني الأول فى غانا وليس فى الغرب”

سافانا الثقافي – هكذا قالت “آما آتا أيدو” فى إحدى الحوارات التى أجريت معها، حين سئلت عن مسيرتها الأدبية وكيف أصبحت إحدى أهم المدافعات عن حقوق المرأة الأفريقية عبر كتاباتها المؤثرة على الساحة الأدبية الأفريقية. فهى تؤمن تماماً أن “النسوية” ليست مذهباً أو حركة قاصرة على النساء وإنما دعوة إنسانية لها وجاهتها فى احترام دور المرأة الفاعل فى مختلف مناحي الحياة باعتبارها نصف المجتمع.

“آما آتا أيدو”.. العقل المستنير الذي أنجبته دولة غانا الشقيقة، والتي كرست مداد قلمها لخدمة قضايا المرأة الأفريقية، حيث استعرضت فى رواياتها وكتابتها كفاح المرأة الإفريقية فى محاولة كسر شرنقة التابوهات الاجتماعية التى قيدت دورها ومشاركاتها فى الحياة العامة. وأهم ما يميز أعمالها تلك النبرة الساخرة التي تنطوي علي كبرياء لا يخفي مرارة في مواجهة مواقف عبثية تصطف على جنباتها العديد من مظاهر الفقد والحزن والأنين من جانب السيدات اللاتي فقدن أزواجهن وعائلتهن كضحايا حروب بلا معنى أو غاية، ليواجهن الحياة بعد ذلك فى مشقة استوجبت تسليحهن بالمزيد من الحقوق والمقومات لمواجهة مصائرهن.

 

مسيرتها الأولى و مشوارها الأدبى

ولدت “أما آتا في” 23 مارس 1940 في سالتبوند في المنطقة الوسطى من غانا. وكانت ابنة لأسرة ثرية حيث كان والدها زعيم إحدى القبائل فى المنطقة. وقد نشأت “تحت ظلم الاستعمار الجديد الناجم عن العدوان البريطاني خلال أواخر القرن التاسع عشر”. اغتيل جدها على أيدي المستعمرين الجدد، والمأساة، بدورها، لفتت انتباه والدها إلى أهمية تثقيف أطفال وعائلات القرية حول تاريخ وأحداث البلاد، وقام بإنشاء مدرسة لتعليم أطفال القرية. ثم بعد ذلك أرسلها والدها إلى مدرسة ثانوية للفتيات، والتحقت بعدها، بجامعة غانا، وحصلت على درجة الليسانس فى الأدب الإنجليزي عام 1964.. في ذلك الوقت بدأت “أيدو” الكتابة بجدية عقب إنهاء دراستها الجامعية من خلال مسرحيتها الأولى “معضلة الأشباح” التى جرى نشرها عام 1965 ضمن سلسلة “لونجمان”، والتى كانت بمثابة نقطة إنطلاق لها، حيث وضعتها على بداية مشوارها الأدبي الجاد، لتصبح أنذاك أول كاتبة ينشر لها عمل مسرحي باللغة الإنجليزية من أفريقيا. وكانت تدور حول قصة طالب غاني يعود إلى الوطن ومعه زوجته الأمريكية من أصل أفريقي، حيث عكست كتابات “أيدو” معضلة (المتعلمين الأفارقة في الخارج) العائدين الى الوطن.

سافرت ”أما آتا أيدو” إلى الولايات المتحدة وحصلت على منحة فى الكتابة الإبداعية من جامعة “ستانفورد”، كما عملت فى معهد الدراسات الأفريقية، وقامت بالتدريس في الجامعات حتى حصلت على درجة أستاذ. كذلك عملت كأستاذ زائر بعدد كبير من الجامعات ما بين غانا والولايات المتحدة وألمانيا وإنجلترا. كما عملت أيضًا كزميلة أبحاث في معهد الدراسات الأفريقية بجامعة غانا، واستاذ زائر بجامعة كيب كوست. وهى تعيش حالياً بين غانا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تعمل بالتدريس في جامعة براون بالولايات المتحدة الأمريكية.

صدرت روايتها الأولى “أختنا كيلجوي” عام 1977، وتعد أشهر أعمالها وأوسعها انتشاراً، ثم صدرت لها رواية ثانية في عام 1991 بعنوان “قصة حب”. ومن الملاحظ أن أغلب أبطال أعمالها الروائية والقصصية من السيدات اللاتي يُكافحن ضد الأفكار النمطية السائدة عن المرأة الأفريقية. وفى عام 1992، حصلت على جائزة الكومنولث كأفضل كتاب في أفريقيا عن روايتها “تغيرات” التي صدت في نفس العام. وكان ديوانها “أحدهم يتحدث إلى أحياناً” قد فاز أيضاً بجائزة نيلسون مانديلا فى الشعر عام 1978. كما حصلت على جائزة “ Snyder”  التي يمنحها التجمع النسائي لجمعية الدراسات الأفريقية عن كتاب نشرته امرأة تعطي الأولوية لتجارب المرأة الأفريقية. وتم تكريمها بحضور Margaret C. Snyder ، التي كانت آنذاك مدير صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة

ومن دواوينها الأخرى، ديوان “الطيور وقصائد أخري” الذى صدر عام 1987، وديوان “خطاب غاضب في يناير”، الصادر في عام 1992. وفى عام 1986، صدر لها ديوان بعنوان “النسر والدجاجات”. كما كانت لها محاولاتها الناجحة فى فن القصة القصيرة، وصدر لها مجموعة قصصية عام 1970، بعنوان “لا مشاعر حلوة هنا”. وفى عام 2014 جرى تقديم فيلم وثائقي عن مسيرتها الادبية  بعنوان “The Art of Ama ” من إنتاج Yaba Badoe  .

صدرت روايتها الأولى “أختنا كيلجوي” عام 1977، وتعد أشهر أعمالها وأوسعها انتشاراً، ثم صدرت لها رواية ثانية فى عام 1991 بعنوان “قصة حب”. ومن الملاحظ أن أغلب أبطال أعمالها الروائية والقصصية من السيدات اللاتى يُكافحن ضد الأفكار النمطية السائدة عن المرأة الأفريقية.

 

وفى عام 1992، حصلت “آما آتا أيدو” على جائزة الكومنولث كأفضل كتاب فى أفريقيا عن روايتها “تغيرات” التى صدت فى نفس العام. وكان ديوانها “أحدهم يتحدث إلى أحياناً” قد فاز بجائزة نيلسون مانديلا فى الشعر عام 1978 ومن دواوينها الأخري؛ ديوان “الطيور وقصائد أخري” الذى صدر عام 1987، وديوان “خطاب غاضب فى يناير”، صدر فى عام 1992 وفى عام 1986، صدر لها ديوان بعنوان “النسر والدجاجات”. كما تكتب القصة القصيرة، وصدر لها مجموعة قصصية عام 1970، بعنوان “لا مشاعر حلوة هنا”.

 

آما أتا أيدو.. و الأدب النسوي

لم يقتصر مشروع “أيدو” الأدبي على نقدها للحقبة الاستعمارية فحسب، بل والتصدي لكل المحاولات التي تهمش من دور المرأة، خاصة ذلك الدور الذى لعبته في حركات التحرير. كما اهتمت كثيراً بوضع المرأة أثناء الحروب والنزاعات القبلية والعرقية. حيث تقول” أيدو” أن إبداعها جزء من معركة يجب خوضها من أجل حصول المرأة على حريتها ومكانتها الطبيعية في بلدان أفريقيا على اختلاف ثقافاتها. فهي لم تكن روائية فحسب، بل كانت شاعرة وكاتبة مسرحية وأكاديمية بارزة وناشطة نسائية صاحبة حراك مؤثر. كذلك شغلت منصب وزيرة التعليم في دولة غانا في عام 1982، إلا أنها استقالت بعد ثمانية عشر شهراً، وتفرغت للعمل الإبداعي والأدبي.

وفي عام 2000، أنشأت مؤسسة “مباسم” لتعزيز ودعم عمل الكاتبات الأفريقيات وانتاجهن الأدبي والفكري، ومهمتها ” تنمية واستدامة الكاتبات الأفريقيات وإنتاجهن الفني” ، حيث تديرها مع ابنتها “كينا ليكيماني”. ثم أنشأت دار نشر تقوم بطباعة العمل الأول لكتّاب القصة الأفارقة، فكم كانت تؤمن بالهوية الإفريقية التي بلورتها بمنظور أنثوي يطوي المزيد من الإشادة والتقدير للمرأة الأفريقية. ثم فى مارس 2017  دشنت مركزاً  للكتابة الإبداعية باسمها ” Aidoo Center ” وكان تحت رعاية كلية ” Kojo Yankah” لدراسات الاتصالات (AUCC)  في أكرا، وكان يعد المركز الأول من نوعه في غرب إفريقيا، وترأسه “نيي أيكوي باركس”.

لاقت أعمال “أيدو” شهرة واستقبالاً نقدياً طيباً، حيث استطاعت أن تقتنص ثناء النقاد على قدرتها في وضع الكاتب بصورة مباشرة على حافة الرسالة التي يريد تمريها من العمل، فكان لها حضورها المؤثر والهيمنة الكاملة في توجيه دفة مشاعر القارئ نحو هدفها المنشود، حيث اعتمدت بشكل ملحوظ على التراث الثقافي “للأجداد”، كما حرصت على توظيفه في قصائدها، خاصةً وأنها كثيراً ما لجأت إلى استخدام العناصر الشفاهية، وتوظيف “تيمات” أفريقيا الشهيرة لشحذ وجدان جماهيرها واستقطاب حماستهم. ومن أشهر أعمالها “أختنا كيلجوي” الصادر عام 1977، وديوانها “أحدهم يتحدث إليّ أحياناً” والذي فاز بجائزة نيلسون مانديلا في الشعر عام 1978.

اهتمت “ايدو” أيضاً بالعنصر الشفهي في سرد ​​القصص والحكايات. وفى مسرحيتها Anowa (1970) ناقشت مشكلة أخرى تتعلق بالتأثيرات الغربية على دور المرأة وعلى الفرد في المجتمع، رافضة الحجة القائلة بأن التعليم الغربي يحرر المرأة الأفريقية. كما كشفت عن الاستغلال الذى يتعرض له النساء اللواتي يجب عليهن إعالة أطفالهن وحدهن، بوصفهن ربات أسر غير معترف بهن عندما تتركهن الحرب أو البطالة بلا أزواج.

ورغم تنوع الأشكال التي لجأت إليها في التعبير عن رسائلها، إلا أن قضيتها ظلت لا تتغير، فأغلب أعمالها تتمحور حول وضع المرأة الأفريقية ودورها في المجتمعات ذات الطابع الريفي والقبلي، وما تتعرض له من ضغوط تستهلك طاقتها الجسدية والروحية، فيما تعضد “أيدو” من دور المرأة الأفريقية المحوري، وتتغنى بتضحياتها الكبيرة علي مستوي الأسرة والمجتمع. فيما تتخذ موقفاً صلباً من المستعمر الغربي، وتتناول الحقبة الاستعمارية بالنقد اللاذع، وترفض مقولة إن التعليم الغربي ساهم في تحرير المرأة الأفريقية، وإنما تٌعلي من مشاعر الاعتزاز بالهوية النسوية الأفريقية المستمَدة، فى الأساس، من مشاعر الانتماء إلى أرض القارة السمراء.

اظهر المزيد

savannahafrican

فريق التحرير موقع سافانا الثقافي
زر الذهاب إلى الأعلى