سافانا الثقافي – غالبًا ما نسمع أن الاستيقاظ مبكرًا هو الوسيلة المضمونة لتحقيق النجاح، حيث يزيد من نشاط الإنسان، وخاصة أن العديد من الشخصيات الشهيرة والمديرين الكبار اعتادوا على الاستيقاظ مبكرًا، وكما يتحدث الجميع عن فوائد الاستيقاظ مبكرًا على الصحة والسعادة وتحكم الإنسان في حياته بشكل أفضل.
لكن هذا لا يعني بالضرورة أن بدء اليوم في ساعة مبكرة هو الحل السحري لزيادة الإنتاجية وحل جميع المشاكل المتعلقة بإدارة الوقت، فقد يكون الأمر ضارًّا بالبعض، ومن الأفضل أن يجد الإنسان نظامًا يوميًا يناسبه، نقدم هنا بعض الأفكار التي تساعدك على معرفة التوقيت المناسب للاستيقاظ.
فوائد الاستيقاظ المبكر
يمكن أن يكون الاستيقاظ مبكرًا مفيدًا للغاية، على الأقل بالنسبة للأشخاص الذين يفضلون ذلك، فالساعات الأولى من الصباح غالبًا ما تكون هادئة وأقل ضجيجًا، حيث يكون الأطفال والآخرون نائمين، وتقل الرسائل الهاتفية والإلكترونية التي يتلقاها الشخص.
يذكر تيم كوك، المدير التنفيذي لشركة آبل، أنه يستيقظ في الساعة الرابعة إلا ربعًا صباحًا ليبدأ بفحص بريده الإلكتروني في كاليفورنيا، قبل زملائه بالساحل الشرقي للولايات المتحدة، الذين يستيقظون في الساعة 06:45 صباحًا، وهو موعد مبكر بالنسبة للكثير من الأشخاص.
وتقول مقدمة البرامج الحوارية الأمريكية، أوبرا وينفري، إنها تستيقظ عادة في الساعة السادسة صباحًا للتأمل وممارسة بعض التمارين الرياضية قبل البدء في عملها في الساعة التاسعة.
ونقلا عن شبكة موقع BBC Capital تصدر الممثل الأمريكي مارك وولبرغ العناوين في الصحف بعد أن صرح بأنه يستيقظ في الساعة الثانية والنصف صباحًا، ورغم أن هذا النمط قد يبدو متطرفًا، إلا أنه يساعده على ممارسة التمارين الرياضية ولعب الغولف وأداء الصلوات، كما ينشط جسمه بالجلوس في غرفة شديدة البرودة.
وتشير الدراسات إلى أن الاستيقاظ المبكر قد يرتبط بالنجاح، حيث يتميز الأشخاص الذين يستيقظون مبكرًا بالمبادرة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين الأداء الدراسي وزيادة الرواتب في العمل.
إذا لم تكن معتادًا على الاستيقاظ مبكرًا، فيمكنك اتباع بعض النصائح لتشجيع نفسك على ذلك، مثل ممارسة التمارين الرياضية في الصباح الباكر وتعريض جسمك للضوء الطبيعي، حيث يساعد ذلك على تنشيط التمثيل الغذائي وزيادة حرارة الجسم لتحفيز النشاط.
هل الاستيقاظ المبكر مفيد للجميع؟
على الرغم من فوائد الاستيقاظ المبكر إلا أنه لا يناسب الجميع، وتشير بعض الأبحاث إلى أن بعض الأشخاص يكونون مؤهلين بيولوجيًّا للنشاط في الصباح، بينما ينشط البعض الآخر ليلًا أو حتى بعد الظهر، وتقدم دراسة حديثة نُشرت في مجلة “نيتشر كوميونيكيشنز” أدلة إضافية على ذلك، إذ وجد الباحثون الذين درسوا بيانات 700 ألف شخص أن أكثر من 350 عاملًا وراثيًّا قد يؤثر على نشاط الأشخاص في الصباح أو المساء، وتُعَد هذه أكبر دراسة من نوعها من حيث عدد المشاركين، وتحتاج إلى دراسة أخرى للتثبت من النتائج.
وعليه قد يضيع الأشخاص الذين لا ينشطون في الصباح ساعات النشاط الخاصة بهم إذا قرروا بدء يومهم مبكرًا، ولذلك يجب عليهم تحديد أوقات النشاط الخاصة بهم وتنسيق أنشطتهم وفقًا لذلك، ويجب على المرء تجنب النوم تحت ضوء الشاشات، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات النوم، وبالتأكيد قد تجبر الظروف الشخص على الاستيقاظ مبكرًا، وتقول الأستاذة مارلين ديفيدسون، الأستاذة في علم النفس الوظيفي بجامعة مانشستر: إن هناك عوامل أخرى (مثل الحماس وحب العمل) يمكن أن تساعد الشخص على الاستيقاظ مبكرًا.
قد لا يكون للآباء والأمهات الذين عندهم أطفال صغار أو الموظفين بوظائف تتطلب الذهاب للعمل في توقيت غير تقليدي – أي خيار فيما يتعلق ببدء يومهم، لذا يجب أن يفهم المرء أن الاستيقاظ مبكرًا لا يضمن بشكل تلقائي النجاح، وأن الأمر يعتمد على الشخص نفسه، قد يؤدي الاستيقاظ المبكر بالنسبة للبعض إلى آثار سلبية، خاصة إذا كانوا يتبعون نصائح الآخرين بالاستيقاظ في ساعة مبكرة على أمل زيادة الإنتاجية دون أن يكونوا معتادين على ذلك.
أضرار الاستيقاظ المبكر
ونقلا عن شبكة موقع BBC Capital تحدثت راشيل سالاس، الخبيرة في مجال علم الأعصاب وطب واضطرابات النوم بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية، عن خطورة محاولة الاقتداء بمديرين يستيقظون في الخامسة صباحًا خلال أيام العمل الأسبوعية، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات في نوم الشخص، وأكدت سالاس على أهمية الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلًا والخلود للنوم في نفس الوقت كل يوم، مشيرة إلى أن الاستيقاظ مبكرًا على حساب ساعات النوم المطلوبة هو السيناريو الأسوأ.
ويمكن أن يعاني المرء من العديد من الأعراض إذا حُرِم من عدد ساعات النوم اللازمة، مثل تغير المزاج وعدم التركيز وزيادة الوزن والقلق وارتفاع ضغط الدم وغيرها، لذا لا يُنصح بالاستيقاظ مبكرًا إذا كان الثمن هو الحرمان من النوم، وتعالج سالاس مرضى يعانون من نقص في ساعات النوم في العشرينات والثلاثينات من عمرهم، والذين يظهر عليهم أعراض ذلك بعد تغير ظروفهم بعد أن رُزِقوا بأطفال.
وتؤكد الأستاذة غايل كينمان، الخبيرة في علم نفس الصحة المهنية بجامعة بدفوردشير في لوتون بإنجلترا، على أنه إذا كان الشخص يبدأ يومه مبكرًا، فسيتعين عليه الانتهاء من العمل مبكرًا أيضًا، وعليه قد لا يكون للأمر فائدة كبيرة، وتشير كينمان إلى أن رجال الأعمال المشاهير الذين يحرصون على بدء العمل مبكرًا والعمل لساعات طويلة في المكتب أو مواصلة العمل في الليل لمتابعة البريد الإلكتروني لا يمثلون أسوة حسنة.
من السيئ أن يتباهى المديرون ببدء العمل مبكرًا، وقد وصفت صحيفة “نيويورك تايمز” هذا مؤخرًا بظاهرة “التباهي بإدمان العمل”، وهي ظاهرة تمثل قدوة سيئة، وتقول كينمان: “يقتدي العاملون بالمديرين في بدء العمل مبكرًا، ويُفضَّل عدم تشجيع هذا السلوك”.
نصائح حول الاستيقاظ المبكر
ينصح الخبراء بأن يجرب الشخص الأمور بنفسه لمعرفة ما يناسبه دون التقليد الأعمى لكلام المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يكتشف الشخص أن الاستيقاظ مبكرًا جدًّا هو الأفضل بالفعل بالنسبة له، ويمكن للشخص ملاحظة الوقت الذي يشعر فيه بالتعب وذروة نشاطه، ويمكنه تعديل برنامجه المعتاد على هذا الأساس للاستفادة القصوى من أوقاته الأكثر نشاطًا، مثلما ينصح الخبراء.
وينصح الخبراء في العمل بمراعاة الاختلافات بين الأشخاص للاستفادة القصوى من مهاراتهم ومواعيدهم، يوصي خبراء الإدارة مثل سوزان ستيليك (مديرة برنامج التواصل الإداري بجامعة نيويورك) باتباع أسلوب “البحث والمراعاة”، حيث يناقش فريق العمل في بداية أي مشروع احتياجات أفراد الفريق ويأخذ بالحسبان متطلباتهم الخاصة، ويمكن للمديرين المرنين تكليف الأشخاص الذين يفضلون العمل مبكرًا ببدء العمل قبل زملائهم وتعويضهم بالانصراف مبكرًا أيضًا، وهذا يسمح للعاملين الآخرين بالاستفادة من وقتهم الأكثر نشاطًا دون استنزاف طاقتهم.
أخيرًا، يجب على الشخص الحصول على نصائح خبراء النوم، ويجب عليه الحصول على قسط كافٍ من النوم والذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت تباعًا، كما يجب على الشخص عدم تقليد الآخرين في الاستيقاظ مبكرًا، بل يجب عليه اتباع ما يناسبه بناءً على تجربته الشخصية.
إقرا المزيد: