سافانا الثقافي – أفريقيا والمستقبل ” سيناريوهات التأثير العالمي”، باعتبارها القارة الناشئة في القرن الواحد والعشرين، تحظى أفريقيا بالاهتمام العالمي ومع المساهمات الحيوية تواصل أفريقيا جذب الاستثمار من الدول المتقدمة في مراكز القوة التنافسية، وفي ظل الاهتمام المتزايد من الشمال والجنوب العالميين بأفريقيا، هناك تأثير تراكمي ولكن، قد يؤدي هذا التنافس في الاهتمام أحيانًا إلى تصعيد التوترات والاضطرابات في مختلف الدول الأفريقية، مما يؤثر على الاستقرار السياسي.
والمراقب لنظرة العالم اليوم تجد أن هناك نقص في الثقة في أفريقيا من دول العالم، وبشكل ملحوظ أوروبا ونتيجة لذلك، ترتفع جهود الدول العشرين الكبرى لتحويل الطاقة والرقمية في أفريقيا إلى معدلات نمو متسارع والاستفادة من قيمة الموارد الطبيعية الوفيرة في أفريقيا والثروة الجوفية، كما أن أفريقيا التي غالباً ما تعتبر مهملة في الحوار العالمي، تتقدم بسرعة اليوم لتصبح قوة كبرى في تشكيل المستقبل.
وبوصفها القارة الثانية الأكبر والثانية الأكثر سكاناً في العالم، ومع أسرع نمو في السكان، و في هذا المقال نعرج على الأهمية المتزايدة لأفريقيا في تشكيل المستقبل العالمي، والكثير منا قد يركز على القوى العالمية الحالية، ولكن لا يمكن تجاهل الدور الحاسم الذي تلعبه القارة الأفريقية في تحديد مسار القرن الحادي والعشرين. مع أسرع معدل نمو سكاني، وتطور اقتصادي متسارع، وثروات طبيعية هائلة، أفريقيا تتقدم بسرعة لتصبح محوراً رئيسياً في الساحة العالمية. أفريقيا تستحق الاهتمام الدولي لعدة أسباب.
التطور الاقتصادي المتسارع
أفريقيا تشهد نموًا اقتصاديًا هائلاً، مع العديد من أسرع الاقتصادات النامية في العالم موجودة فيها البلدان مثل إثيوبيا وغانا وكوت ديفوار ورواندا تشهد معدلات نمو تتجاوز العديد من الاقتصادات المتقدمة، وهذا النمو الاقتصادي يعني أن القارة تحتضن أسواقاً ناشئة ضخمة وفرصاً للاستثمار.
المستقبل الديموغرافي المتمدد
أفريقيا تتميز بتعداد سكاني شاب بحلول عام 2030، من المتوقع أن تكون أفريقيا موطناً لثلثي الشباب العالمي، وهذه الديموغرافيا الشابة يمكن أن تكون محركاً قوياً للابتكار والتطور الاقتصادي، وتوفر قوة عمل نشطة ومتحمسة يمكنها أن تساهم في تقدم القارة والعالم.
ومع السكان الحاليين البالغ عددهم 1.4 مليار، من المتوقع أن تشكل أفريقيا 39% من السكان العالميين بحلول عام 2100، لتصل إلى 4.4 مليار، بينما يتراوح الدخل الفردي الحالي حوالي 2500 دولار، من المتوقع أن يرتفع الدخل الفردي في أفريقيا إلى متوسط 4400 دولار في الفترة 2025-2035، و11200 دولار في الفترة 2046-2055، و17200 دولار في الفترة 2056-2065.
وبالنظر إلى الأمام حتى عام 2100، سترتفع القوة الشرائية المتوسطة لـ 4.4 مليار أفريقي إلى 20,000 دولار، وخلال هذا الوقت، مع تمتع آسيا بقطاع استهلاك ذو دخل عالي متميز، ستدفع الحالة الوسطى للدخل في أفريقيا الطلب الكبير على الاستهلاك وتحسين نوعية الحياة، وهذا المشهد له آثار سوقية كبيرة على الصناعات العالمية مثل السيارات، والأجهزة المنزلية، والأثاث، والملابس.
الثروات الطبيعية
أفريقيا مغمورة بالثروات الطبيعية، مثل الذهب والبلاتين والماس والنفط والغاز الطبيعي، وتشكل هذه الثروات الطبيعية أساساً قوياً للنمو الاقتصادي، ولكنها تحتاج إلى إدارة حكيمة لضمان تحقيق الاستفادة القصوى منها.
التحول الرقمي والطاقة
ومع ذلك، في حالة التنافس العالمي في التحول الرقمي والطاقة بين عامي 2025 و 2060، لا يمكن التقليل من أهمية أفريقيا كمورد حيوي للعناصر الرئيسية مثل المعادن الحرجة والعناصر الأرضية النادرة، وهذا يضع أفريقيا في مقدمة الاعتبارات الاستثمارية للدول الرائدة ضمن نقاط التركيز للمنافسة العالمية، والتحدي الرئيسي يكمن في ما إذا كان يمكن لأفريقيا الاستفادة الكاملة من توريد المعادن الحرجة والعناصر التي تشكل العمود الفقري لهذه التحولات من الأساسي خلق سيناريو “الربح للجميع” يسمح لأفريقيا بالاستفادة الحقيقية من القيمة التي تولدها مواردها الجوفية الوفيرة.
حالياً، توفر أفريقيا 60٪ من إمدادات الكوبالت في العالم، و17٪ من إمدادات اليورانيوم، و37٪ من الطلب العالمي على الكروم (الكروميت)، و23٪ من إمدادات المنجنيز، وتلبي 25٪ من الطلب على الفوسفات وعلاوة على ذلك، تحتفظ أفريقيا بحصة تتراوح بين 3٪ و7٪ في مختلف المعادن، مع مساهمة 18٪ في إمدادات الذهب بشكل ملحوظ، تحتفظ أفريقيا بـ 37٪ من احتياطيات الذهب في العالم وهي مسؤولة عن 49٪ من إمدادات الألماس و53٪ من احتياطيات الألماس.
التحول الزراعي :
تقع نصف الأراضي القابلة للزراعة في العالم، والتي تشكل 45٪، في أفريقيا وحدها، ووفقًا لبيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO)، فإن 60٪ من الأراضي غير المستغلة المناسبة للزراعة على نطأعتذر عن الانقطاع مرة أخرى دعنا نستمر.
وفقًا لبيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO)، فإن 60٪ من الأراضي غير المستغلة المناسبة للزراعة على نطاق عالمي تقع في أفريقيا، وهذا يوفر لأفريقيا فرصة فريدة لتحقيق الأمن الغذائي العالمي في القرن الحادي والعشرين، ولكن يتطلب ذلك التحولات الزراعية الكبيرة والاستثمارات في البنية التحتية والتكنولوجيا.
الابتكار الرقمي والتقدم التكنولوجي
أفريقيا التي تعتبر واحدة من الأسواق الناشئة الأكثر نشاطًا، تشهد انفجارًا في الابتكار الرقمي والتطور التكنولوجي. نحو 400 مليون أفريقي الآن يستخدمون الإنترنت، وبحلول عام 2025، سيكون لديها أكثر من نصف مليار مستخدم وهذا التحول الرقمي يفتح المجال للابتكار في مجموعة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك التعليم، والرعاية الصحية، والزراعة، والتجارة.
تمثل الفرص الاقتصادية الهائلة التي تقدمها أفريقيا فرصة استثمارية كبيرة للشركات العالمية والمستثمرين لكن، هذه الفرص تأتي مع تحديات كبيرة أيضًا، بما في ذلك التحديات البيئية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية.
التحديات البيئية والمناخية
أفريقيا تواجه بعض من أكبر التحديات البيئية والمناخية في العالم. من التصحر إلى الفقر المائي إلى تغير المناخ، هذه القضايا تسلط الضوء على الحاجة إلى حلول بيئية مستدامة، والتحدي الرئيسي يظل هو كيف يمكن لأفريقيا تسخير هذا الاهتمام العالمي والفرص الاقتصادية لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة.
يتطلب ذلك القيادة الفعالة، والحكم الرشيد، والسياسات الصحيحة، والشراكات الدولية القوية، والاستثمار في التعليم والبحث والابتكار، ولتحقيق التنمية المستدامة، يتعين على أفريقيا اتباع مجموعة من السياسات الصحيحة التي تعالج القضايا الرئيسية التي تواجهها القارة. هذه تتضمن:
تعزيز الحكم الرشيد
الحكم الرشيد يعني استخدام السلطة والإدارة في الدولة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. هذا يتضمن محاربة الفساد، تعزيز الشفافية، وضمان الحقوق الأساسية للمواطنين.
تعزيز التعليم والتدريب
الاستثمار في التعليم والتدريب الجيد هو الأساس لبناء قوة عاملة ماهرة وتنمية الابتكار. الدول الأفريقية يجب أن تولي اهتماماً خاصاً للتعليم العالي والتدريب التقني والمهني لتحقيق التنمية المستدامة.
الاستثمار في البنية التحتية
البنية التحتية الجيدة مهمة للتنمية الاقتصادية. يشمل ذلك الطرق، والجسور، والموانئ، والمطارات، والبنية التحتية للاتصالات. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الدول الأفريقية الاستثمار في الطاقة المتجددة والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي لتحقيق التنمية المستدامة.
تعزيز الابتكار والبحث والتطوير
الابتكار والبحث والتطوير هما مفتاحين للتنمية الاقتصادية. الدول الأفريقية يجب أن تستثمر في البحث العلمي وتطوير التكنولوجيات الجديدة لتعزيز النمو الاقتصادي.
تعزيز التجارة والاستثمار
التجارة والاستثمار يمكن أن يكونا محركين للنمو الاقتصادي. يجب على الدول الأفريقية التعاون مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية لتعزيز التجارة والاستثمار.
الاستدامة البيئية
تحقيق التنمية المستدامة يتطلب الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي. السياسات المتعلقة بالحفاظ على البيئة، وإدارة الموارد الطبيعية، والتكيف مع تغير المناخ، ينبغي أن تكون جزءًا أساسيًا من استراتيجية التنمية العامة.
تعزيز الاندماج الاقتصادي
الاندماج الاقتصادي، مثل تكوين الاتحاد الأفريقي وتأسيس منطقة حرة للتجارية الأفريقية، يمكن أن يساهم في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. هذا يمكن أن يشجع التجارة بين الدول الأفريقية ويوفر سوقًا أكبر للمنتجات والخدمات.
تعزيز القدرة الصحية
تقديم الخدمات الصحية الجيدة وتحسين الصحة العامة هو جزء أساسي من التنمية المستدامة. يشمل ذلك الوقاية من الأمراض، توفير الرعاية الصحية الأساسية، والتحسين المستمر في الرعاية الصحية.إذا تم تنفيذ هذه السياسات بشكل صحيح ومتكامل، فإنها يمكن أن تساعد في تحقيق التنمية المستدامة في أفريقيا. يجب أن تعتبر هذه السياسات نقطة انطلاق، حيث يمكن أن تختلف الاحتياجات والأولويات بناءً على السياق المحلي والإقليمي.
الخاتمة
في الختام، يتضح أن أفريقيا ليست فقط قارة ذات أهمية تاريخية، بل هي أيضاً قوة محورية في تحديد مسار المستقبل. الاستثمار في النمو الاقتصادي والاجتماعي لأفريقيا ليس فقط من الأهمية بمكان للقارة نفسها، ولكن أيضاً للاستقرار والتقدم العالمي. لا يمكن للعالم تجاهل القوة النامية لأفريقيا ولا يمكنه الاستغناء عن التزامها القوي لتحقيق تطور مستدام. أفريقيا، دون شك، تهم العالم في تشكيل المستقبل.