سافانا الثقافي – أقدم الحضارات في قارة إفريقيا، أفريقيا هي المكان الذي ظهر فيه الإنسان الحديث لأول مرة لذلك لا ينبغي أن يكون مفاجئًا أن إفريقيا كان لديها في السابق عدد من الحضارات القديمة البارزة، ويعود تاريخ بعض هذه الحضارات إلى آلاف السنين، بينما وصل البعض الآخر إلى ذروتهم مؤخرًا، وأنتجت هذه الحضارات العديد من المعالم الرائعة التي كانت من عجائب العصور القديمة.
وهذه المباني لا تزال قائمة في كثير من الأماكن إلى اليوم، وكان ازدهار الحضارات الأفريقية القديمة يعتمد إلى حد كبير على التجارة والتبادل الفكري، وإن الحضارات القديمة التي هيمنت سابقًا على القارة هلكت جميعًا في نهاية المطاف، ولكن ليس قبل أن تترك انطباعًا دائمًا على الناس الذين حكموا ذات يوم، وفيما يلي نطلع على أهم و أقدم الحضارات في قارة إفريقيا.
أقدم الحضارات في قارة إفريقيا
إن دور إفريقيا باعتبارها مهد الشعوب والحضارة حقيقة معروفة، وعاش الرجال في حالة بدائية من الطبيعة دون أي قواعد أو تطور حديث قبل ظهور الحضارة، وتتمتع القارة الأفريقية بنظام بيئي فريد من نوعه مع أنماط مناخية فريدة قبل التصنيع والحضارة، و بينما كانت الأجزاء الأخرى رطبة و خصبة ومثمرة، كان بعضها جافًا ومحاطة بالصحاري.
وانتقل بعض الأفارقة الذين عاشوا في المناطق الجافة من القارة بحثًا عن مواقع منتجة حيث يمكنهم بناء ثقافات متقدمة وأنظمة إدارة جديدة، وكان على الأشخاص الذين بقوا في الغابات والصحاري إيجاد وسائل جديدة للعيش، ونتيجة لذلك بدأوا أساليب جديدة للتجارة والإنتاج، ومن ثم تأسست أقدم حضارة أفريقية على هذا النحو لذا هيا بنا نبين لكم ما هي أقدم الحضارات في قارة إفريقيا.
أقدم الحضارات في قارة إفريقيا هي كما يلي:
مصر – أول حضارة افريقية
كانت مصر هي أول دولة في إفريقيا ابتكرت الحضارة وتكون مصر أول و أقدم الحضارات في قارة إفريقيا، وعلى طول نهر النيل الرائع تقع مصر في شمال إفريقيا، ووفر نهر النيل لمزارعي مصر المياه التي يحتاجون إليها بشدة، وقاد المصريون الأوائل أسلوب حياة بدوي أثناء الصيد وجمع الطعام في الألفية العاشرة قبل الميلاد، وفي وقت لاحق حلت الزراعة حيث كانت الحبوب مصدر الغذاء الأساسي لمحل هذه الحضارة، وظهر مجتمع العصر الحجري الحديث حوالي 6000 قبل الميلاد.
وتوقف المصريون عن كونهم صيادين وجامعين ووجهوا انتباههم إلى الزراعة والمستوطنات الدائمة، وخلقوا أنواعًا جديدة من القيادة والمجتمعات المعقدة وغيرها من المهن التي تتطلب تدريبًا مهنيًا، واستمر المصريون في خلق ثقافات معقدة مع مرور الوقت، مما أدى في النهاية إلى اختراع وتطوير الكتابة حوالي عام 3200 قبل الميلاد، ووحد الملك مينا مصر العليا والسفلى حوالي عام 3100 قبل الميلاد، وشكلوا المملكة المتحدة الأولى لمصر، وازدهرت المملكة الأولى التي كانت قائمة بين 2700 و 2200 قبل الميلاد خلال حكم مينا.
وتم بناء الأهرامات واستخدم الملوك المصريون مصطلح “فرعون” لأول مرة خلال هذه الحقبة من الحضارة، والتي عُرفت باسم “المملكة القديمة”، وخلال النظام الملكي القديم شهدت مصر تطورات كبيرة في الفنون والعمارة والأهرامات والمساكن المتقنة لملوكها، ونظرًا لتجارتها مع الممالك المجاورة الأخرى حققت مصر نجاحًا كبيرًا في قطاع التجارة في هذا الوقت، وعلى الرغم من نجاحها الهائل كانت مصر تعاني من عدم الاستقرار بسبب المشاكل التي واجهتها المملكة السابقة من 1550 إلى 1070 قبل الميلاد، وأنشأ الملك أحمس الأول مملكة جديدة وأدى إلى الاستقرار.
وخلال فترة حكمه كملك لمصر القديمة أنجز الملك أحمس الأول الكثير، وكان من أبرز إنجازاته طرد الطغاة الأجانب من مصر وإعادة تأسيس طيبة كعاصمة لمصر القديمة، وتم تحرير أراضي مصر من الهكسوس والتي كانت واحدة أخرى من الإنجازات البارزة للملك أحمس الأول، وأعاد الفرعون أحمس الأول بناء الأهرامات التي دمرت في ظل حكم الهكسوس، كما أنفق الكثير من المال لبناء المعابد العظيمة مثل معبد آمون المعروف في الكرنك، كما أشرف على إحداث تغييرات إدارية وبيروقراطية ساعدت التقدم السياسي والاقتصادي في مصر.
اعرف أكثر : السياحة في مصر وأهم المعالم السياحية فيها
مملكة كوش
كانت مملكة كوش من أقدم الحضارات في قارة إفريقيا، وكان جنوب مصر هو المكان الذي كانت توجد فيه مملكة كوش، ويجري نهر النيل والنيل الأزرق بجانب المدن الرئيسية لهذه المملكة، وكانت مملكة كوش تقع فيما يعرف الآن بالسودان، وعندما تأسست مملكة كوش عام 1070 قبل الميلاد وحصلت على استقلالها عن مصر، تم بناء مجتمعات معقدة واستمرت لأكثر من 1300 عام، وأشرف منتوحتب الثاني على استعمار مصر خلال عصر الدولة الحديثة، ومن خلال منتوحتب الثاني ساعدت مصر مملكة كوش في بناء بنية تحتية مهمة.
ومع ذلك حافظ الملك على سلطته على سياسة المملكة واقتصادها حتى عام 1070 قبل الميلاد، عندما أسس الكوشيون مملكتهم الخاصة في كوش وانهارت المملكة الجديدة وسقطت في حالة من الفوضى، وبين عامي 1069 قبل الميلاد و 350 م كانت مملكة كوش في أوجها، وحكمت جزءًا كبيرًا من شمال السودان الحالي على طول نهر النيل، وكانت المملكة مركزًا للتجارة وتعمل في تجارة العاج والبخور والحديد والذهب المربحة.
وكانت مصر القديمة الخصم الشمالي وكذلك الشريك التجاري وفي الواقع غزا الكوشيون مصر في القرن الثامن قبل الميلاد وأسسوا الأسرة المصرية الخامسة والعشرين، التي سيطرت على مصر لأكثر من قرن، ويمكن رؤية أكثر من 200 من بقايا الأهرام في محيط مدينة مروي الكوشية القديمة، والتي تعد أكثر من كل مصر.
مملكة بونت
على موقع بونت القديمة لا يوجد إجماع ومع ذلك، يتفق غالبية الأكاديميين على أنها كانت تقع في شرق إفريقيا وعلى الأرجح في المنطقة التي تقع الآن شمال شرق الصومال وجيبوتي وإريتريا أو على طول ساحل البحر الأحمر، وظهر النظام الملكي إلى حيز الوجود حوالي 2500 قبل الميلاد.
والنصوص المصرية القديمة التي تدعي أن المملكة كانت غنية بالأبنوس والذهب والمر والمخلوقات الغريبة مثل القردة والفهود، وتمثل غالبية ما هو معروف حاليًا عن البنط القديمة لذلك تكون مملكة بونت من أقدم الحضارات في قارة إفريقيا، وكانت مصر الشريك التجاري الرئيسي لبونت، وبالإضافة إلى ذلك كان لبونت تأثير ثقافي ولاهوتي كبير على مصر القديمة، وكان قدماء المصريين يعتبرون بونت موقع نشأتهم، والذين أطلقوا عليها اسم “أرض الآلهة”.
مملكة قرطاج
حوالي القرن الثامن أو التاسع قبل الميلاد، تأسست دولة مدينة تسمى قرطاج في ما يعرف الآن بتونس، وشيد المدينة مهاجرون فينيقيون أتوا من لبنان القديم، وتوسعت قرطاج في نهاية المطاف إلى إمبراطورية بحرية شاسعة حكمت معظم ساحل شمال إفريقيا وشبه الجزيرة الأيبيرية الجنوبية وكل أو جزء من جزر البحر الأبيض المتوسط في كورسيكا وسردينيا وصقلية.
وبلغ عدد سكان قرطاج نفسها حوالي 500000 نسمة في ذروتها، وبدأت الحروب البونيقية في منتصف القرن الثالث قبل الميلاد عندما اشتبكت الإمبراطورية القرطاجية مع الإمبراطورية الرومانية، وهي قوة عظمى قديمة أخرى، وشهد عام 146 قبل الميلاد نهاية هذه المعارك، لذلك تعتبر مملكة قرطاج من أهم و أقدم الحضارات في قارة إفريقيا.
مملكة أكسوم
أقدم الحضارات في قارة إفريقيا هي مملكة أكسوم، وتأسست منذ القرن الرابع قبل الميلاد تقريبًا وحتى القرن العاشر الميلادي، كانت والمنطقة التي كانت فيها مملكة أكسوم هي الآن إريتريا وإثيوبيا، ويُعتقد أن المملكة كانت موطن ملكة سبأ الأصلي بالإضافة إلى مكان الراحة لسفينة العهد التوراتية، وبحلول القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد أصبحت أكسوم مركزًا تجاريًا قويًا ورابطًا أساسيًا بين أوروبا القديمة والشرق الأقصى.
وكان الذهب والعاج من بين الصادرات الأكثر قيمة، وكانت أكسوم واحدة من أولى الإمبراطوريات التي تبنت المسيحية، والكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية هي من بقايا التقاليد الدينية للإمبراطورية، والتي كانت موجودة حتى القرنين السابع أو الثامن الميلادي، لذا لها أهمية كبيرة في التجارة والاهتمام بالأمور الدينية حين ذاك.
إمبراطورية مالي
بدأت إمبراطورية مالي في الوجود في القرن الثالث عشر واستمرت حتى القرن السادس عشر، وتعتبر من أقدم الحضارات في قارة إفريقيا، ويعود نجاحها جزئيًا إلى احتياطيات الذهب الهائلة الموجودة داخل حدودها، والتي تضمنت جزءًا كبيرًا من غرب إفريقيا ويمتد من المحيط الأطلسي إلى الحدود بين مالي والنيجر الحديثة، وفي الواقع كان يعتقد ذات مرة أن إمبراطورية مالي كانت مسؤولة عن إنتاج ثلثي ذهب العالم.
وجمع مانسا موسى الذي حكم في أوائل القرن الرابع عشر ويعتبر أعظم إمبراطور للإمبراطورية، ثروة غير مفهومة حتى بالمعايير الحديثة، برزت تمبكتو التي تقع الآن في مالي حاليًا، كمركز تعليمي في العالم الإسلامي خلال سيطرة إمبراطورية مالي، تأسست إمبراطورية مالي في القرن الثالث عشر الميلادي عندما قام ملك يُدعى سوندياتا كيتا يُشار إليه أحيانًا باسم “الأسد الملك” بتمرد ضد ملك سوسو وجمع شعبة معًا لتشكيل إمبراطورية جديدة، ووسعت الإمبراطورية من شبكتها التجارية وعززت سيطرتها على منطقة كبيرة من غرب إفريقيا تحت حكم كيتا وخلفائه.
وتمت ملاحظة مدينتها الأكثر أهمية دجيني وتمبكتو بمساجدهما المزخرفة من الطوب اللبن والمؤسسات التعليمية الإسلامية، وكانت جامعة سانكور في تمبكتو إحدى هذه المؤسسات وتضمنت مكتبة بها ما يقدر بنحو 700000 مخطوطة، وانهارت إمبراطورية مالي في نهاية المطاف في القرن السادس عشر ولكن عندما كانت في أوجها كانت واحدة من جواهر القارة الأفريقية واشتهرت في جميع أنحاء العالم بثرواتها ورفاهيتها.
ويتركز سرد أسطوري لثروة المملكة عن الملك مانسا موسى، الذي توقف في مصر في طريقه إلى مكة في القرن الرابع عشر، وتزعم التقارير الحديثة أن موسى وزع الكثير من الذهب خلال الزيارة، مما أدى إلى انخفاض قيمته في الأسواق المصرية لعدة سنوات.
إمبراطورية سونغاي
شهد القرن الخامس عشر تشكيل إمبراطورية سونغاي، وشملت بعض المناطق التي حكمتها إمبراطورية مالي سابقًا، وفي الواقع حلت إمبراطورية سونغاي محل إمبراطورية مالي إلى حد كبير باعتبارها القوة المهيمنة في المنطقة، وكانت إمبراطورية سونغاي أكبر من كل أوروبا الغربية في أوجها.
ويعزى نجاحها إلى استراتيجيات التجارة العدوانية ونظام الحكم البيروقراطي المتطور، وعلى غرار إمبراطورية مالي حكمت إمبراطورية سونغاي تمبكتو وأنشأت عددًا كبيرًا من المدارس الإسلامية هناك، وجاو هي عاصمة سونغاي وكان يبلغ عدد سكانها في الأصل 100000 نسمة، كما تعتبر من أهم وأقدم الحضارات في قارة إفريقيا.
إمبراطورية زيمبابوي
زيمبابوي هو اسم مدينة تاريخية يمكن العثور عليها في زيمبابوي اليوم، وفي الواقع يأتي اسم المملكة زيمبابوي من المدينة التاريخية، التي تم بناء المدينة، والتي كانت تُعرف أيضًا باسم زيمبابوي العظمى، من جدران حجرية ضخمة ومباني حجرية أخرى، وفي لغة الشونا الأصلية تعني كلمة “زيمبابوي” “المنازل الحجرية”.
وتأسست المدينة في القرن العاشر ولكن بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر وكانت عاصمة لإمبراطورية ضخمة حكمت جزءًا كبيرًا من الدول الحديثة في بوتسوانا وزيمبابوي وموزمبيق، وكان اقتصاد الإمبراطورية يتركز على تربية الماشية وزراعة المحاصيل وتجارة الذهب على طول ساحل المحيط الهندي، كما أنها واحدة من أهم وأقدم الحضارات في قارة إفريقيا.
الخاتمة
كانت لقارة إفريقيا دور كبير في الحضارات القديمة وإلى الأن تحتفي الشعوب والدول بهذه الحضارات القديمة الرائعة، وإلى الأن يعمل العلماء في اكتشاف كل هذه الحضارات وعن أسراها مثل من أين بدأت ومتى انتهت، ولكن هذه المقالة كانت جزء بسيط لشرح أقدم الحضارات في قارة إفريقيا، وهناك الكثير من المعلومات الموجودة التي تفسر كل حضارة ومدى تفوق هذه الحضارات في وقت بعيد من الزمان وكيف وصل لنا هذا التاريخ وما إلى ذلك.
إقرا أيضا:
