سافانا الثقافي – إفريقيا حبيبة المطر، إفريقيا ليست قارة جغرافية فحسب، بل هي قارة جمال وعطر وأغنيات، هي قارة خير وعطاء يحضن قلبها ذهب العالم، ووجهها جنات الأرض، ويأبى المطر أن يفارق أحراشها حتى في الصيف، فصل العطش، هي قارة ثقافات وعادات وأعراف وتقاليد، وحكايا وأساطير، تمتد جذورها لأعماق التاريخ وتعانق أحلامها عنان السماء.
إفريقيا قارة من جنات وأنهار، وهي أيضا قارة أنهار من الدمع والظلم والقهر والمعاناة، فمنذ طفولتها عرفت العبودية، أعظم جريمة ترتكب بحق الإنسان الذي كرمه الله وسخّر له ما في الأرض جميعًا وما إن شب عودها حتى عانت ومازالت تعاني من الاستعمار ومخلفاته.
دعوني أمر معكم في رحلة سريعة لعلي أسلط بعض الضوء على تلك القارة التي أحبها الله والمطر وحكم عليها القدر بالسواد – ولولا سواد المسك ما انباع غاليا- ولنمر معًا على فترات مختلفة من تاريخها مستكشفين الأحداث والشخصيات والتطورات الثقافية الرئيسية التي مرت عليها.
الحضارات المبكرة لإفريقيا
لم تكن الحضارات المبكرة في إفريقيا مختلفة عن المناطق والقارات الأخرى من حيث الاستيطان والنمو البشري والتحضر، فقد أدى الانتقال إلى الزراعة إلى تطور الحضارات والدول القديمة والمهمة مثل الآشوريين والبابليين، والأكثر شهرة على الإطلاق في إفريقيا مصر القديمة. حيث ظهرت الحضارة المصرية في حوض نهر النيل، وامتدت من قلب إفريقيا إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط. وكان أهم مركز لهذه الحضارة في النوبة وشمال السودان وجنوب مصر.
أدخلت إفريقيا منتجات وتقنيات حضارية جديدة مثل الجمال والخيول، وانتقلت القبائل العربية إلى إفريقيا عبر مضيق باب المندب من جنوب شبه الجزيرة العربية في موجات قبلية أو حركات تجارية سلمية تدريجية. استقرت هذه القبائل في القرن الإفريقيّ والساحل الشرقي مثل إثيوبيا وإريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا وزنجبار.
العصر الاستعمار، وفي القرن الخامس عشر بدأت القوى الأوروبية استكشاف واستعمار إفريقيا، وذلك ما أدى إلى قرون من الاستغلال والقمع للشعوب والثقافات الإفريقيّة، وجلبت الفترة الاستعمارية معها العديد من التحديات والصراعات، وذلك نتيجة العمل القسري وفقدان الأراضي والموارد، وقمع الممارسات والمعتقدات الثقافية. ومع ذلك، فقد أدت أيضًا إلى تشكل مجتمعات وثقافات جديدة.
كافح الشعب الإفريقيّ الحكم الاستعماري وسعى بكل طاقته للحفاظ على تقاليده، فقد شهد القرن العشرين موجة من حركات الاستقلال في إفريقيا، وأصبح قادة مثل كوامي نكروما من غانا وجومو كينياتا من كينيا ونيلسون مانديلا من جنوب إفريقيا رموزًا للنضال من أجل الحرية والعدالة في إفريقيا والعالم، ولم يكن النضال من أجل الاستقلال بدون تحديات، وما زال إرث الاستعمار يؤثر على القارة وسيمتد لسنوات قادمة.
العصر الحالي:
في الوقت الحالي تعد إفريقيا قارة في حالة انتقال، حيث تكافح البلدان والشعوب لاستعادة ماضيها ويعملون على بناء مستقبل أفضل. إن القارة هي موطن لبعض من أسرع اقتصادات العالم نمواً، ويشارك شعبها بشكل متزايد في السياسة والثقافة والحركات الاجتماعية.
وعلى الرغم من التحديات التي تبقى، فإن إفريقيا هي قارة تتمتع بإمكانيات هائلة. وتاريخها غني وثقافاتها متنوعة، وما زالت تلهم وتؤثر على العالم، وشعبها يفتح طرقًا جديدة في مسيرته نحو مستقبل يتغير باستمرار في سياق عالمي يتطور.
إقرا المزيد: