الأديب الإريتري هاشم محمود حسن
إن قارئ روايات هاشم محمود يجد أن أدبه مصنف تحت ما يسمى بأدب المقاومة أو الأدب السياسي، حيث يسعى هاشم لتخليد تاريخ بلاده إريتريا ويسعى جاهدًا لتوثيق معاناة شعبها من زمن الاحتلال الإيطالي حتى الاحتلال الإثيوبي والاحتلال البريطاني، وهذا عدّ هاجسه الأساسي.
تتميز روايات الأستاذ هاشم ببراعته ومهارته الأدبية، بالإضافة إلى اختياره الجيد للعناوين المثيرة التي تحمل عددًا من المسائل والدلالات، كما هو واضح في رواية “عطر البارود”، حيث جمع هاشم محمود بين البارود الذي يعبر عن القتل والتدمير، وبين العطر الذي ينتج روائح الجمال والحياة، مما يوحي بأن استخدام البارود بطريقة صحيحة سينتج عطرًا يمثل الانتصار والتحرر.
تقدم رواية أُخرى بعُنوان “فجر أيلول”، وفي أيلول نجد سمته الذبول حيث تتساقط أوراق الأشجار وتذبل الأزهار، ولكن في حال تعاونت الجهود وانحرفت النيات نحو الخير، فإن من الواجب أن ينشط فجر جديد يسطع بقوة الأحرار، فجر تحرير أريتريا وتحقيق حريتها، حيث جسد شخصية “إبراهيم” في الرواية هذه الحرية بمقولته:“المتحرّرون من الخوف هم أوّل الناجين من النار، وأوّل الوجوه التي تطلع عليها الشمس”، والأحرار فقط هم يلهمون العالم، ويحررون الآخرين، والحرية هي دين الإنسانية التي يتفق عليها الجميع، ولا يمكن أن توجد حرية حقيقية دون فجر، ولذلك عدّ فجر أيلول أمرًا ضروريًا.
في أدب هاشم محمود، يُلاحظ أنه قد يُخصص إهداءات معينة في رواياته، فمثلًا، قد تُهدى إحدى الروايات لبلده إرتيريا، مشيدًا بمحبته وولائه لها، وأيضًا يُقدم إهداءات أخرى تكرّم الشهداء والمناضلين الذين ناضلوا من أجل تحرير بلدهم، وكذلك يتوجه بإهداءات للراغبين في العمل من أجل القضية والبحث عن الحقيقة، عدّ حضور الوطن في رواياته أمرًا مهمًا ومؤثرًا، وقد يمثّل الوطن شخصية اعتبارية محورية والبطل الرئيس في القصة بجانب الشخصيات الأخرى الهامة.
بالنسبة لموقع سافانا الثقافي، يجب على الكاتب أن يكون حامل رسالة، يعبر انطلاقًا من كتاباته عن قضايا مجتمعه، وهاشم محمود البعيد بلا شك عبر بطريقة طوعية أو ربماأخبازية بجدارة استحق هاشم محمود لقب “كاتب الوطن” لأنه وصف في روايته الأخيرة “الكتيبة 17” الوطن بأنه “أنشودة الحياة” و”عِزّ الماضي” و”بريق المستقبل” و”سند الضعيف” و”لقمة الجائع” و”أمان الملهوف”.
يجب التأكيد على إصرار الكاتب هاشم محمود على استخدام اللغة العربية في كتاباته، وذلك ربما لإظهار الهُوِيَّة العربية لبلده ورغم وجود العديد من اللغات واللهجات المحلية فيه، ويمكن الاستشهاد بروايته عطر البارود الذي تغني بإريتريا، مثلما قال سميح القاسم.
“إرتريا
سمعت عن صبية
تغوص في دمائها
تمسح الغبار والدموع عن أبوابها
وتطرد الأشباح عن سمائها
وقيل أن وجهها
ينضح بالخصوبة
والشمس والعروبة
فمن هي ؟
أرتريـا
أرتريا ياغابة مشتعلة
وقمة تكسر عنف عاصفة
يا صرخة غاضبة وقنبلة
يا ساعدا وسنبلة
حبيبتي أنت أذن
وفيك مثل مابيا
من العذاب في الهوى وفي الوطن
في الختام، نتمنى للأديب هاشم محمود المزيد من التقدم والنجاح، ونأمل أن تحظى رواياته وأدبه بمكانتها المناسبة في المكتبات العربية والعالمية، حيث تستحق ذلك.
إقرا المزيد: