سافانا الثقافي:الكينيون ينتفضون في حفل مهيب لتكريم ضحايا الاحتجاجات .في مشهد مهيب ومؤثر، تجمع مئات الكينيين يوم الأحد في العاصمة نيروبي لإحياء ذكرى أكثر من ثلاثين شخصًا قتلوا في الاحتجاجات الأخيرة ضد الحكومة. امتلأت حديقة أوهورو، وهي مساحة خضراء واسعة في قلب المدينة، بالشباب والكبار، الذين جاءوا لتكريم الضحايا ولإظهار تضامنهم مع أسرهم.
بدأت الاحتجاجات في 18 يونيو، بعدما أعلنت الحكومة عن خطط لزيادة الضرائب، مما أثار غضبًا واسعًا بين المواطنين الذين يعانون بالفعل من ارتفاع تكاليف المعيشة. خلال هذه الاحتجاجات، لقي 39 شخصًا حتفهم، وهو ما أثار حزنًا كبيرًا وأدى إلى دعوات واسعة لاستقالة الرئيس ويليام روتو.
أثناء الحفل، ردد الحاضرون شعارات وهتفوا بأصوات عالية، مطالبين بإجراء تغييرات جذرية في الحكومة. رفع الشباب لافتات كتب عليها “ارقدوا بسلام أيها الرفاق” و”نعدكم بأننا سنواصل النضال”، بينما هتف الحشد “يجب أن يرحل روتو”. في إشارة رمزية، قام البعض بدق الصلبان في الأرض لتخليد ذكرى الضحايا.
كان بونيفاس موانجي، الناشط البارز، من بين الحضور. وقال موانجي: “الحكومة تستمع الآن بسبب الاحتجاجات. نحن نوعًا ما سعداء بهذا التطور، ولكن هناك أيضًا الكثير من الحزن لأن الكثير من الناس ماتوا لكي تستمع الحكومة.” وأضاف: “نحن هنا لنقول لعائلات الذين فقدوا أحبائهم، نحن معكم، وسنكرم تضحيتهم.”
مع تصاعد حدة الاحتجاجات، ألغى الرئيس روتو مشروع قانون المالية، الذي كان سيضيف عبئًا ضريبيًا جديدًا على المواطنين. هذه الخطوة جاءت بعد ضغوط كبيرة من الشارع، الذي أعرب عن استيائه من السياسات الاقتصادية التي تزيد من معاناتهم اليومية.
ولم تتوقف التغييرات عند هذا الحد. فقد أعلن الرئيس روتو يوم الجمعة عن مجموعة من الإجراءات التقشفية الجديدة، شملت تقليل عدد مستشاريه وحل 47 مؤسسة حكومية. هذه الإجراءات تهدف إلى سد فجوة الميزانية التي تسببت فيها إلغاء الضرائب المخطط لها.
تزامن الحفل مع يوم سابا سابا، السابع من يوليو، الذي يعتبر يومًا تاريخيًا في كينيا. ففي عام 1990، شهد هذا اليوم احتجاجات مماثلة أجبرت الحكومة آنذاك، بقيادة الزعيم الراحل دانيال أراب موي، على إعادة البلاد إلى النظام السياسي متعدد الأحزاب. واستحضار هذا اليوم في الحفل كان له دلالة خاصة، حيث أكد الحاضرون على أهمية الاستمرار في النضال من أجل الحرية والعدالة.
الحفل لم يكن مجرد مناسبة تذكارية، بل كان أيضًا فرصة للتعبير عن الأمل والتضامن. الفنانون المحليون قدموا عروضًا موسيقية تنوعت بين الأغاني الحزينة والأناشيد الثورية، مما أضفى جوًا من الوحدة بين الحضور. بينما كان البعض يرقص ويغني، كان الآخرون يبكون ويعانقون بعضهم البعض، مؤكدين على أن الوحدة هي السبيل الوحيد للتغلب على التحديات.
بهذا الحفل، أرسل الكينيون رسالة قوية إلى الحكومة والعالم بأنهم لن ينسوا تضحيات من فقدوا حياتهم في سبيل العدالة. وأنهم سيواصلون النضال حتى تتحقق مطالبهم ويعيشوا في كرامة وعدالة.