سافانا الثقافي – “الروائية زهرة مرسل نافذة ثقافية للصومال” زهرة مرسل عمر كاتبة صومالية ظهرت في عدة لقاءات وبرامج تلفزيونية على قنوات مثل بي بي سي الإخبارية وبعض القنوات المصرية، ونُشرت لها عدّة مقابلات صحفية، حيث من أبرزها تلك التي نُشرت في جريدة الأهرام. لم تكتف زهرة مرسل بتطوير نفسها في الكتابة الأدبية والقراءة والإبداع الثقافي، بل أرادت أيضًا أن تخصص عقلها وتفكيرها إلى مساعدة الناس عن طريق الحث على الاهتمام بالكتب والمشاركة في الأندية والمعارض الكتابية، المحلية والإقليمية والعالمية. وكمثال على ذلك، استخدمت زهرة مرسل صفحتها على فيسبوك لترويج معرض القاهرة للكتاب والذي قامت بزيارته عدة مرات، كما أجرت عدة مقابلات إعلامية خلال زياراتها ووقعت على كتبها لزوار جناح الصومال، مما يؤكد حرصها على الثقافة والعلم.
كما عملت زهرة مرسل ككاتبة أيضًا في مجلة “اعدلها” المصرية، كما ساهمت في كتابة مقالات وإبداعات ثقافية وأدبية أخرى في العديد من المواقع الإلكترونية، مثل شبكة الشاهد الإلكترونية وغيرها. في الإذاعة، عملت زهرة في البرنامج الأسبوعي لراديو صومالي يدعى “أرنتينا”، كما انضمت إلى زوجها وأطلقوا صفحة بعنوان “الرحالة” وحساب على “إنستقرام” يتناول الأشياء واللحظات الملهمة. تعتبر هذه المنصات فضاءً للطاقة الإيجابية، وتبعدها عن ضوضاء الحياة وتحدياتها المختلفة.
الإنتاج الأدبي للكاتبة والروائية زهرة مرسل :
رواية “أميرة مع إيقاف التنفيذ”
رواية أدبية تم نشرها في القاهرة في يناير 2012، وهو إنتاج دار ليلى للنشر والتوزيع والطباعة. الكتاب هو عمل إبداعي بقلم رشيق يتحدى اليأس ولا يستسلم لأزمات العصر، بل يفتح نوافذ الرجاء والصمود، ويستحق التقدير من قبل الناقدين والكتاب العرب. الرواية تناسب الفتيات بشكل خاص وتتضمن أوصاف دقيقة وكلمات بديعة. وقد وصفها الكاتب العربي فتحي العرين بأنها تتضمن كلمات رقيقة ورموز محببة للإناث، حيث تجدها تناسب كل امرأة في الكتاب، تصورها في مختلف الأوضاع وتعلو في عوالم الخيال والواقع.
كما سبق وأشرنا، تقدم هذه القصة إبداعات فنية تميزت بالعاطفة الأدبية والحنين الأنثوي الذي يتمثل بقلم فريد من نوعه وأسلوب ساحر وجميل للغاية. هذه الرواية هي الأولى التي تصدر عن “زهرة مرسل” و تحمل عنوان جذاب “أميرة مع إيقاف التنفيذ” الذي ينشر ضبابًا داكنًا مع توهج درامي على شواطئ القرن الإفريقي. تتميز الرواية بشخصياتها المعقدة وأحداثها الدرامية الفكاهية التي تعيد نظرية تفسير حياتها وحياة الآخرين. بطلة القصة هي فتاة تدعى “عبير” وهي تعيش في عالم خيالي يجعلها تحلم بالأمير الساحر وتتجاهل الأشياء الأخرى الجميلة التي تحيط بها. تواجه الكثير من المواقف الدرامية والكوميدية التي تغير نظرتها للحياة وتجعلها تبحث عن معنى الحب والأمير الحقيقي. تبقى الأسئلة الصعبة في الرواية بشأن سبب لقبها “أميرة مع إيقاف التنفيذ” وماهي المصير الذي ينتظر بطلتنا. كما جاء في تقييم الناقد الأدبي فتحي المزين.
رواية ” أجوران عين إفريقيا”
تم إصدار هذا الكتاب عن طريق دار الفارابي للنشر والتوزيع في العام 2015م في القاهرة – مصر، و يتألف من رواية أدبية تتحدث عن تفاصيل مهملة لإمبراطورية أو سلطنة آجوران العظيمة التي كانت قائمة في الصومال في القرن الخامس عشر. وردّت زهرة مرسل وهي الكاتبة بأن الرواية تتضمن جانبان، تاريخي ودرامي. و يصف الجانب الدرامي صعوبات التي يمكن أن تواجهها فتاة حلمية في بيئة مقيدة التي لا تأخذ بعين الاعتبار أحلامها دون مسوّدات حقيقية، تحت مسمى الدين والعادات والتقاليد، مع أن أحلامها ليس لها علاقة بالدين. لذلك ، الهدف من كتابة الجانب الدرامي الموازي للجانب التاريخي في الرواية هو تشجيع المستهدفين و إحياء الأمل وتحفيزهم لتحقيق أحلامهم، وعدم اليأس من ضغوط المجتمع و قيوده.
وتضيف قائلة أن الناس لم تفهم معنى رواية “أجوران عين إفريقيا” وظنّوا أنني تسلط الضوء على قبيلة أجوران الصومالية. ولكن زهرة مرسل توضح أن الرواية تدور حول إمبراطورية أجوران التي حكمت جزءًا من الصومال في القرن الخامس عشر، وتحكي قصة فتاة تدعى “أجوران” التي عاشت في تلك الحقبة وكانت طموحة وتحاول تحقيق أحلامها في زمن لم يكن فيه الكثير من الفرص للفتيات. وأنها اختارت هذا الإسم لأنه كان يمثل جذور من الصومال التي تمثل بالنسبة لها أعمق من القصص الكلاسيكية، كما أنها كانت تبحث عن هذه الجذور في فترة ازدهار الصومال في السبعينات.
وتضيف أردت توسيع معرفتي بمفهوم القبيلة والحرب الأهلية، لذا قمت بدراسة تاريخ المنطقة الجنوب الشرقية من قرن الثالث عشر حتى السابع عشر. في هذه الدراسة اكتشفت وجود إمبراطوريات وسلطنات قديمة حكمت هذه المنطقة وساهمت في تقدمها الحضاري والتجاري. قمت بتدوين هذه المعلومات في مذكرات خاصة سأستخدمها فيما بعد في كتابة قصة تاريخية تدور حول هذه الأحداث. سأُعرِّفُ القارئ على إمبراطورية أجوران التي حكمت جزء من الصومال في القرن الخامس عشر من خلال شخصية فتاة ابنة تاجر من تلك الإمبراطورية. يجب الإشارة إلى أن الشخصيات والأحداث هي من وحي الخيال، ولكن توثيق المعلومات التاريخية يعتبر صحيحاً.
تدور القصة أساسا حول علاقة الفتاة بمحيطها وكيف تفاعلت مع القيود التي فرضت عليها نظرا لأنها امرأة. تمكنت من تحدي العقبات التي واجهتها بذكائها في مجتمع قبلي صارم وحازم في معاملته للنساء. تتحدث القصة عن طفولتها واكتشافها الحب في سن المراهقة وعلاقتها بـ “ليبان” الذي طلب يدها ووافق عليه الجميع، لكنها اكتشفت خيانته وطلبت الطلاق، وواجهت أباها الذي عارض قرار الطلاق.
وأوضحت “لديّ أهداف عدة التي أسعى لتحقيقها وأهمها:
- تصحيح الصورة النمطية للصومال وتعريف العالم العربي بأن هذا البلد يحتوي على العديدِ من الجوانبِ غير المألوفة، ويرجع تاريخه إلى قرون سحيقة. أحاول بناء الثقةِ بين المجتمعِ الصومالي وتاريخه مع العالم الآخر. هذا بجانبِ إيجادِ الدعم لتحقيقِ الأحلامِ والطموحات، من خلال التركيزِّ على الجانب الدرامي للأحداث، وحثِّها للسعي إلى المستقبلِ الحضاري، تحت العنوان “القادمُ أجمل وأقرب”.
- التعريف على طبيعة الأراضي وأسماء المدن الرئيسية في الصومال، بالإضافة إلى نشاطات الإنتاج الحيواني والزراعي وتواتر الفصول وتقلبات الحياة المختلفة في البلاد.
- الكشف عن جوانب تقليدية صومالية متعلقة بالعادات والتقاليد واللباس والأسماء، من أجل أن يصبح تأثيرها واضحاً للقراء العرب ومألوفاً لهم.
تشجيعها للقراءة والإبداع الأدبي:
تميّزت الكاتبة بجهود جبارة في رفع المستوى الثقافي، من خلال محاضراتها ومقابلاتها الثقافية والأدبية، ودعمها للقراءة والكتابة واقتناء الكتب. وتركزت جهودها على الفئة الناشئة في أقطار مختلفة من العالم العربي، حيث بثت مقاطع ثقافية تشجع على القراءة واقتناء الكتب. وقد دعت الكاتبة زهرة مرسل عمر، برنامج تصويري، أخوانها وأخواتها الصوماليين في الكويت للمشاركة في نادي القراءة لاتحاد الطلبة الصوماليين، وأوصت جميع أعضاء الجالية الصومالية في الكويت بالانضمام لهذا النادي، تحرصاً على رفع مستوى ثقافتهم.
تفاؤل زهرة مرسل بالأدب الصومالي:
تحليلًا للمشهد الثقافي والأدبي الحالي في الصومال، فإن الروائية الشابة زهرة مرسل متفائلة بمعناه ومحتواه على الرغم من صعوبة الظروف الحالية التي تعاني منها الصومال. وذلك لأنها لا تنسى العوامل الأخرى التي تسبب صعوبات مشابهة، وكون المشهد الصومالي الموجود على قدم المساواة مع الظروف الأخرى المعمول بها في البلاد. كما لاحظت الكاتبة أيضًا تفضُّل على رؤية القرَّاء العرب عندما يتعلَّق الأمر بالأدب الصومالي والكُتَّاب الجُدد في هذا المجال، ونجاحهم في إصدار أعمال روائية وشعرية. ولا تزال الصومال تحتاج إلى المزيد من التطوير الإبداعي ونقد الأدبي حتى تتصدَّر مكانتها على المشهدين العربي والإفريقي، رغم تراثها الثقافي الغني وتفوُّق أحداثها المبدعين. وتؤكد زهرة مرسل على أن كتاباتها وكتابات جيلها تعتبر بمثابة نافذة يلتقي من خلالها القُرَّاء بزوايا جديدة من واقعنا الحالي.
تعارض الكاتبة زهرة بشدة مقارنة الحركة الأدبية الحديثة في الصومال بالحركة الأدبية في البلاد العربية الأخرى. وعندما سئلت عن مكانة الحركة الأدبية في الصومال مقابل الحركة الأدبية في البلاد العربية، أجابت زهرة بأنه ليس من المناسب مقارنة الأديب الصومالي بغيره في العالم العربي. فهي ترى أن المقارنة تتطلب النظر إلى عوامل متعددة مثل الظروف الثقافية والحالة الاجتماعية والاقتصادية. وتؤكد زهرة أن الوضع الراهن لا يسمح بذلك، حيث يتمتع الكاتب الصومالي بدعم وتقبل مختلف عند مقارنته بنظيره في بلدان أخرى. وتضيف زهرة أن الحركة الأدبية في الصومال فريدة من نوعها، حيث يتميز الكتاب الصوماليون بتعدد لغاتهم وثقافاتهم، كما أن هناك بعض الأسماء اللامعة والمتميزة في الأدب الصومالي وغيره. وتتجاوز الحركة الأدبية في الصومال حدود اللغة والثقافة، لتشمل العديد من التيارات والاتجاهات، ولذلك لا يمكن مقارنتها بأي حركة أدبية أخرى. ويعزو سبب رفض زهرة للمقارنة إلى تفانيها في الحفاظ على كرامة الأدب الصومالي، وصونه من التقليل عند مقارنته بدول تتمتع بالاستقرار السياسي والاقتصادي.
ويتضح للمتابع لكتابات الكاتبة الشابة ومداخلاتها الثقافية أنها منتمية وطنيًا وتحرص على إظهار الأدب والأدباء من بلدها، وليس فقط في العالم العربي أو لكتاب اللغة الضاد، ومن أجل التعريف بقيمة هؤلاء الأدباء والكتاب من بلدها، تذكر الكاتبة بأن الطيور المهاجرة من أفراد مجتمعهم في الغرب أو الكتاب الذين نجحوا في إيصال أدبهم هناك، يجب أن يهتم بهم ويتفاعل معهم. ترى الكاتبة زهرة أن الأدب الصومالي ليس مغلقًا ومتشددًا، بل هو مفتوح ومغتنم للعديد من اللغات والثقافات حول العالم، وقد نال جوائز عالمية، بما في ذلك جائزة نوبل في الأدب والرواية. تتمنى الكاتبة زهرة إعطاء الفرصة والدعم لأولئك الموهوبين في العالم العربي، لكنها تروج لفكرة أن النجاح في الخارج يعني الانتشار العالمي للفرد بما يختلف عن النجاح في العالم العربي. تقدر زهرة الصومال هؤلاء الذين عاشوا في المهجر ولفت انتباهها كل من الأديب نور الدين فارح والشاعرة وريس ديريه وورسن شري، وتشيد بأعمالهم وإنجازاتهم.
على الرغم من أن زهرة مرسل تحدثت عن فترة قديمة نسبياً، إلا أنها أرادت أن تشير إلى أن مشاكل النساء تتكرر في كل الأزمنة والأماكن، فتذكر أنه في الماضي كانت النساء يهدرن نصف يومهن في المطبخ والنصف الآخر في الزينة، ورغم ذلك فإن جمال المرأة يتمثل في ملامحها وقدراتها في المطبخ. لكني أختلف معهن، فأنا أؤمن بمبدأ جدتي الذي يقول إن العقل هو زينة الإنسان والعلم هو مفتاح النجاح. وتسلط الرواية الضوء على علاقة إفريقيا بالبرتغاليين في تلك الفترة، والتي تعرضت للتشويش والخلافات بسبب حادثة تسبب بها أحد بحارة البرتغال. وقد تصدرت الرواية حديث المجالس الأدبية في الكويت بعد أن اختيرت كأفضل رواية في حفل الجليس السنوي لمشروع “نادي أصدقاء الحرف” بحضور عدد كبير من الأدباء والكتاب والروائيين.