سافانا الثقافي – “غزو سينما بوليود الهندية على شرق أفريقيا” في العقود الماضية، كان للسينما الهندية (بوليود) تأثير كبير على الثقافة العالمية،وتعد الأفلام الهندية من أكثر الأفلام شعبية في العالم، حيث تنتج بوليود أكثر من ألفي فيلم سنويا، مما يفوق إنتاج هوليوود.
تعود بدايات العلاقة بين بوليود وشرق أفريقيا إلى القرن العشرين، حيث كانت أفلام بوليود تعرض بانتظام في دور السينما في الشريط الساحلي لدول كينيا وتنزانيا والصومال. وواصلت هذه العلاقة تطورها على مر الزمن، ومع نمو الطلب، أصبحت الأفلام الهندية جزءًا أساسيًا من الخيارات الترفيهية المتاحة للمشاهدين في شرق أفريقيا.
السينما الهندية، المعروفة أيضاً ببوليود، هي واحدة من أكبر الصناعات السينمائية في العالم. في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، شهدت شرق أفريقيا غزوًا سينمائيًا للأفلام الهندية،
البدايات: السبعينيات والثمانينيات
في السبعينيات، بدأت الأفلام الهندية تظهر بشكل متزايد في السينمات في شرق أفريقيا، حيث كانت تعرض بجانب الأفلام الأمريكية والبريطانية. الأفلام مثل :
فيلم“شولاي” (Sholay) الشعلة هو فيلم هندي من اخراج راميش سيبي.تدور احداث الفيلم عن اثنين من اللصوص المعدومي الحال، تم استئجارهم للإيقاع بالطاغية الظالم جبار سينغ. ويعتبر الفيلم أقوي إنتاج في تاريخ صناعة الأفلام الهندية حتى الآن. تم إصدار الفيلم في 15 أغسطس 1975، وأبطاله هم: دارمندرا ديول، سانجيف كومار، هيما ماليني، أميتاب باتشان، جايا بهادوري، أمجد خان.
فيلم “امار اكبر انتوني” (Amar Akbar Anthony) هو فلم من اصدار عام 1977، من بطولة فينود خانا ، ريشي كابور ، أميتاب باتشان ، للمخرج منموهان ديساي ، وﺗﺄﻟﻴﻒ بوشبا شارما، تركز الحبكة على ثلاثة أشقاء انفصلوا في مرحلة الطفولة وتبنتهم عائلات من ديانات مختلفة. الهندوسية والإسلام والمسيحية . الأول يكبر ليصبح ضابط شرطة هندوسي، والثاني مطرب مسلم، والثالث كاثوليكي مغامر يحب تحدي القانون، يتقابل الأخوة بالصدفة وتتشابك مصائرهم بشكلٍ معقد .
فيلم “دون “Don تدور أحداث فيلم في قالب من الجريمة والحركة والإثارة، من إخراج شاندرا باروت وبطولة أميتاب باتشان وزينات أمان وبران. الفيلم من تأليف سالم جافيد وإنتاج ناريمان إيراني ، يموت المجرم المطلوب للعدالة دون (أميتاب باتشان) لعب باتشان أدوارًا مزدوجة ، كالشخصية الفخرية والشخص البسيط. تدور الحبكة في بومباي أحد سكان الأحياء الفقيرة الذي يشبه المجرم القوي دون، يطلب منه مشرف الشرطة دي سيلفا أن يتنكر بشخصية دون بعد وفاة الأخير من أجل العمل كمخبر للشرطة وتعقب جذور المنظمة الإجرامية. كان ثالث أعلى فيلم هندي من حيث الإيرادات في عام 1978.
أدى غزو سينما بوليوود الهندية إلى ظهور عدد من الممثلين والمخرجين والممثلات الهنود الذين أصبحوا من المشاهير في شرق إفريقيا. ومن أشهر هؤلاء الممثلين والمخرجين والممثلات: أميتاب باتشان، ودرامندر، وميتون، وديليب كومار، وراجيش خانا، وهيما ملينا ، وشاروخان، ورانيا موخرجي، وكاجول، وكارينا كابور.
وقد ساهمت أفلام بوليود الهندية في تغيير الثقافة والترفيه في شرق إفريقيا. فقد أدت إلى زيادة شعبية الموسيقى والرقص الهندي في المنطقة، كما أدت إلى ظهور عدد من المطاعم والمقاهي الهندية. كما ساهمت أفلام بوليوود الهندية في زيادة السياحة في المنطقة، حيث أصبح العديد من السياح يزورون شرق إفريقيا لمشاهدة مواقع تصوير الأفلام الهندية.
ويعزو العديد من خبراء الفن ذلك إلى أن تقارب الثقافة الهندية والأفريقية، والذي يبرز في الأفلام الهندية، هو أحد العوامل التي ساهمت في شعبيتها. الأفلام الهندية تتميز بالألوان الزاهية، الرقصات المعقدة، والقصص الرومانسية، والتي كانت تجذب جمهور شرق أفريقيا.
السبب وراء الشعبية :
الأفلام الهندية لم تكن مجرد مصدر للترفيه فحسب، بل أيضاً كانت تعكس القيم والأخلاقيات التي كانت مشتركة بين الثقافة الهندية والأفريقية. في كثير من الأحيان، تعتمد الأفلام الهندية على قصص الحب والكرامة والشجاعة والعدالة، وهذه القيم كانت تجد صدى في الجماهير الأفريقية.
هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأفلام الهندية شائعة في شرق أفريقيا.
أولاً : الأفلام الهندية تتميز بالموسيقى والرقص، وهما عنصران محوريان في الثقافة الأفريقية.
ثانياً : القصص التي يتم تقديمها في الأفلام الهندية غالبًا ما تتعلق بالقضايا الاجتماعية والعائلية، وهي موضوعات تهم الجمهور الأفريقي.
أخيراً، لا يمكن إغفال القيمة الترفيهية للأفلام الهندية، التي تتميز بأفلام الإجتماعية والاكشن والرومانسية والكوميديا.
تأثير بوليود على الموضة :
تجاوز تأثير بوليود حدود الشاشة، فقد أثرت أيضًا على الثقافة والموضة والموسيقى في شرق أفريقيا. بدأ الشباب يتبنون الأزياء التي يرتديها نجوم السينما الهندية، وتعلموا الرقصات التي تظهر في الأفلام.
الأفلام الهندية تعتبر مصدراً رئيسياً للإلهام في مجال الأزياء في شرق أفريقيا. العديد من النماذج والأنماط التي تظهر في أفلام بوليود تم اعتمادها من قبل الناس في شرق أفريقيا. على سبيل المثال، الساري الهندي والكورتا بيجاما (القميص الطويل والبنطلون الفضفاض) أصبحت شائعة في الاستخدام اليومي.
لقد أثرت أفلام بوليود أيضًا على تصميم الأزياء للمناسبات الخاصة. العديد من العباءات النسائية والرجالية التقليدية التي تظهر في أفلام بوليود تم تبنيها في الأعراس والاحتفالات. الأزياء الهندية الغنية بالألوان والأقمشة الفاخرة والتطريز المعقد، كلها جعلتها خياراً شائعاً للملابس الرسمية.
وقد ساهمت أفلام بوليوود الهندية في تغيير الثقافة والترفيه في شرق إفريقيا. فقد أدت إلى زيادة شعبية الموسيقى والرقص الهندي في المنطقة، كما أدت إلى ظهور عدد من المطاعم والمقاهي الهندية. كما ساهمت أفلام بوليوود الهندية في زيادة السياحة في المنطقة، حيث أصبح العديد من السياح يزورون شرق إفريقيا لمشاهدة مواقع تصوير الأفلام الهندية.
تأثير بوليود على الموسيقى :
الموسيقى هي جزء لا يتجزأ من الأفلام الهندية، وتأثيرها على الموسيقى في شرق أفريقيا كبير. الأغاني والرقصات في أفلام بوليود لها تأثير كبير على الموسيقى الشعبية. العديد من الفنانين الأفارقة اعتمدوا على أنغام بوليود وأدمجوها في أغانيهم.
الرقصات الهندية الشهيرة التي تظهر في الأفلام أيضًا لها تأثير كبير. الرقصات الهندية التقليدية والمعاصرة التي تظهر في أفلام بوليود أصبحت مشهورة في الاستوديوهات الراقصة والحفلات الموسيقية في شرق أفريقيا.
ومع ذلك، لاحظ الباحثون والنقاد أن العديد من الفنانين الأفارقة قد استخدموا أنغام بوليود في أعمالهم. مثلاً، في السبعينيات والثمانينيات، أصبحت الموسيقى الهندية تأثيرًا رئيسيًا في البوب الكيني، وخاصةً في النمط المعروف بـ “بنغا”. أنغام بوليود كانت لها تأثير كبير على الفنانين الكينيين، وقد تم دمج العديد من الأنغام والريتمات الهندية في الأغاني البوب الكينية.
في تنزانيا أيضاً، تأثرت العديد من الأغاني الشعبية بأنغام بوليود. الفنانين مثل الحاجي مانارا وسيتي بينتي سعيد كانوا يستخدمون الألحان الهندية في أغانيهم.
في كينيا والصومال وسواحلها استخدم الفنان الكبير جمعة بهالو العديد من العناصر الموسيقية من بوليود ودمجها في موسيقاه الخاصة. من المعروف أنه استخدم العديد من الأدوات الموسيقية الهندية والألحان والإيقاعات في موسيقاه.
تأثر الكثير من الأغاني الأفريقية بالموسيقى الهندية.
التأثير الثقافي والموسيقى الهندية يمكن أن يظهر بشكل غير مباشر في الكثير من الأغاني الأفريقية، سواء من خلال الألحان، أو الإيقاعات، أو الأدوات الموسيقية، أو حتى الأساليب الفنية. بالاضافة الى ذلك، العديد من الفنانين الأفارقة قد يستلهمون من الموسيقى الهندية دون استخدام عينات موسيقية محددة. بدلاً من ذلك، قد يدمجون الألحان، الإيقاعات، أو الأدوات من الموسيقى الهندية في أعمالهم الخاصة بطرق تجعلها جزءاً فريداً وجديداً من موسيقاهم.
وتتجلى تأثيرات بوليود وموسيقاها الكلاسيكية في العديد من الأغاني الأفريقية. وهذه بعض الأمثلة:
Remmy Ongala
المغني التنزاني الراحل ريمي أونغالا كان يعتبر الموسيقى الهندية مصدر إلهام كبير بالنسبة له. هناك العديد من الأغاني في ألبوماته التي تعكس تأثيرات هذه الموسيقى.
Mwana Fa
في تنزانيا، أيضًا، أصدر الرابر الشهير موانا فا أغنية بعنوان “Bado Nipo Nipo”، التي تستخدم عينة من أغنية بوليود “Chaiyya Chaiyya” من فيلم “Dil Se”.
Kanda Bongo Man
في الكونغو، ساهم كاندا بونغو مان، الذي يُعتبر واحدًا من أبرز الفنانين في موسيقى السوكوس، في نشر ألحان بوليود في موسيقى السوكوس.
D’banj
في نيجيريا، استخدم المغني الشهير ديبانج أيضاً عينات من أغاني بوليود في بعض أغانيه.
BOSO NADOR
المغني السنغالي الشهير يوسو ندور كان لديه تأثيرات موسيقية متنوعة في أعماله، بما في ذلك الألحان الهندية.
زاكير حسين وتوو مامو
الموسيقي الهندي زاكير حسين والمغني السنغالي توو مامو قاموا بالتعاون في بعض الأعمال التي تجمع بين الألحان الهندية والأفريقية.
أنجيليك كيجو
المغنية البينينية-فرنسية أنجيليك كيجو هي مثال آخر على فنان أفريقي استخدم الألحان الهندية في موسيقاها.
كاندا بونغو مان
في الكونغو، كان كاندا بونغو مان، الفنان البارز في موسيقى السوكوس، في الواجهة لنشر الألحان الهندية في موسيقاه.
ريمي أونغالا
المغني التنزاني الراحل ريمي أونغالا كان لديه تأثيرات من الموسيقى الهندية في أعماله.
تعُد هذه الأمثلة توضيحاً فيما يتعلق بتأثير الموسيقى الهندية على الأغاني الأفريقية. فتأثيرات الأغاني الهندية متنوعة وواسعة الانتشار في جميع أنحاء القارة الأفريقية.
وفي الختام، كان لغزو سينما بوليوود الهندية في شرق إفريقيا في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات الميلادية تأثير كبير على الثقافة والترفيه في المنطقة. وقد أدى هذا الغزو إلى زيادة شعبية الأفلام الهندية في شرق إفريقيا، كما أدى إلى ظهور عدد من الممثلين والمخرجين والممثلات الهنود الذين أصبحوا من المشاهير في المنطقة. كما ساهمت أفلام بوليوود الهندية في تغيير الثقافة والترفيه في شرق إفريقيا، حيث أدت إلى زيادة شعبية الموسيقى والرقص الهندي في المنطقة، كما أدت إلى ظهور عدد من المطاعم والمقاهي الهندية. كما ساهمت أفلام بوليوود الهندية في زيادة السياحة في المنطقة، حيث أصبح العديد من السياح يزورون شرق إفريقيا لمشاهدة مواقع تصوير الأفلام الهندية.