
سافانا الثقافي: “ناميبيا/ألمانيا: فيكوي روكورو يرحل… لكن معركة التعويضات الحقيقية لا تزال مستمرة” كان فيكوي روكورو، الزعيم الكاريزمي لجماعة أوفاهيريرو، واحدًا من أبرز الأصوات المطالبة بتحقيق العدالة التاريخية لشعبه، الذي ذاق ويلات أول إبادة جماعية في القرن العشرين على يد الاستعمار الألماني في ناميبيا.
على مدى سنوات، قاد روكورو معركة لا تعرف المساومة، مطالبًا برلين بدفع 580 مليون دولار سنويًا لمدة 40 عامًا كتعويضات عن الجرائم التي ارتكبت بين عامي 1904 و1908، والتي أودت بحياة نحو 70 ألف إنسان — 60 ألفًا من الهيريرو و10 آلاف من الناما.
ناجون من الهيريرو بعد تهجيرهم عبر صحراء أوماهيكي، حيث قضى معظمهم عطشًا وجوعًا
الإبادة الجماعية المنسية
وُصفت مذبحة الهيريرو والناما بأنها “الإبادة الجماعية المنسية”، وثّقها “تقرير ويتاكر” أمام الأمم المتحدة عام 1985، مؤكدًا أن القوات الألمانية قضت على 80% من الهيريرو و50% من الناما، في عملية ممنهجة شملت القتل الجماعي، الترحيل القسري، ومعسكرات الاعتقال.
حتى الجماجم البشرية أُرسلت إلى ألمانيا لأغراض “علمية” مزعومة، لتغذية نظريات عنصرية سائدة آنذاك في أوروبا. ولم يُعد جزء من هذه الرفات إلى ناميبيا إلا في عام 2019، مصحوبًا بطلب اعتذار من وزيرة الدولة للشؤون الخارجية ميشيل مونتيفيرينج.
معسكر اعتقال للهيريرو تديره قوات الاستعمار الألماني في أوائل القرن العشرين
الاعتراف الألماني… ونصف العدالة
في مايو 2021، أعلن وزير الخارجية الألماني هيكو ماس أن برلين ستسمّي ما حدث بـ”الإبادة الجماعية”، وطلب الصفح من ناميبيا وأحفاد الضحايا، متعهدًا بتقديم مليار يورو كمساعدات تنموية على مدى 30 عامًا.
لكن روكورو رفض هذه الخطوة، واعتبرها “إهانة هائلة” مقارنةً بتعويضات محرقة اليهود التي بلغت 75 مليار يورو، قائلًا: “الاعتراف بلا تعويضات حقيقية هو مجرد استعراض”.
فيكوي روكورو… صوت الهيريرو الذي لم يساوم على العدالة
المعركة في ساحات القضاء
منذ 2014، رفع روكورو القضية إلى محكمة العدل الدولية، وأطلق دعوى جماعية أمام القضاء الأمريكي استنادًا إلى صلاحيات محاكمة جرائم الإبادة خارج الولايات المتحدة. كما لجأ إلى الأمم المتحدة، مستندًا إلى إعلان 2007 بشأن حقوق الشعوب الأصلية.
لكن بعد عامين من المرافعات، رفض قاضٍ في نيويورك الدعوى، فيما واصلت ألمانيا مفاوضاتها مع الحكومة الناميبية، مستبعدة ممثلي الضحايا المباشرين.
اتفاق مثير للجدل
الاتفاق الذي أُعلن عنه بين ألمانيا وناميبيا ما يزال بحاجة إلى توقيع وتصديق برلماني البلدين، ومن المقرر أن يتوّج بزيارة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى ويندهوك لتقديم اعتذار رسمي — خطاب كان روكورو يخطط لمقاطعته، في موقف يعكس قناعته بأن العدالة لا تتحقق بالرموز وحدها.
رحيل الجسد وبقاء القضية

رحل فيكوي روكورو في 18 يونيو 2021، لكن قضيته لم تُغلق. إرثه حاضر في ذاكرة مجتمعه، كصوت واجه الاستعمار المعاصر بلا خوف، وكشاهد على أن العدالة الحقيقية لا تُقاس بالكلمات أو المساعدات، بل بالاعتراف الكامل وردّ الحقوق.
روابط للقراءة والتوثيق: