سافانا الثقافي: وليام روتو: رحلة من بائع متجول إلى رئاسة كينيا. وليام روتو، رجل الأعمال والرئيس الحالي لكينيا، وقائد قوات الدفاع، وُلد عام 1966 وعاش حياة فقيرة شكلت مسيرته السياسية. تجربته ومعرفته بمعاناة شعبه كانت السبب في وصوله إلى رئاسة البلاد. لكن في ظل رئاسته، واجهت كينيا أزمة اقتصادية، وحاول حلها بفرض قانون للضرائب، مما أشعل احتجاجات عنيفة في منتصف عام 2024.
المولد والنشأة
وُلد وليام روتو في 21 ديسمبر 1966، في سامبوت بمقاطعة أوسين جيشو لعائلة متدينة من عرقية الكالينجين، وهي إحدى أكبر المجموعات النيلية في منطقة “الصدع الأفريقي” بغرب كينيا، وثالث أكبر عرقية في البلاد. عاش روتو حياة فقيرة ولم يتمكن من ارتداء حذاء حتى بلغ سن الخامسة عشرة. عمل في بيع الدجاج والفول السوداني لمساعدة أسرته، وقرر تطوير نفسه أكاديمياً وتجريبياً. بنى ثروة من مشاريعه التجارية قبل أن ينطلق في مسيرته السياسية. تزوج من راشيل شيبيت في عام 1991 ولديهما سبعة أبناء.
الدراسة والتكوين العلمي
بدأ روتو تعليمه في مدرسة سامبوت الابتدائية، ثم انتقل إلى مدرسة وارينغ الثانوية في إلدوريت، ومن ثم مدرسة كابسابت الثانوية في مقاطعة ناندي. التحق بجامعة نيروبي وتخرج منها عام 1990 متخصصاً في علم النبات وعلم الحيوان. تابع دراساته العليا في نفس الجامعة، وحصل على درجة الماجستير في علم البيئة النباتية عام 2008، ودرجة الدكتوراه في نفس التخصص عام 2018.
المسيرة السياسية
بدأ روتو مسيرته السياسية في عام 1992 بالانضمام إلى الجناح الشبابي لحزب “الاتحاد الوطني الأفريقي الكيني” (كانو). برزت قدراته الخطابية وقدرته على حشد الناس بفضل معايشته لهمومهم وتطلعاتهم. تم تعيينه لتعبئة الناخبين في أول انتخابات متعددة الأحزاب، مما جعله قريباً من الرئيس دانيال أراب موي، الذي أصبح مرشده في عالم السياسة.
دخول البرلمان والمناصب الوزارية
انتُخب روتو عضواً في البرلمان عن دائرة إلدوريت الشمالية عام 1997 عن حزب “كانو”، واستمر في منصبه لثلاث فترات حتى عام 2013. في عام 2002، نشط في حملة أوهورو كينياتا لكنه خسر أمام مرشح المعارضة مواي كيباكي. تولى روتو منصب وزير الداخلية لفترة وجيزة في نفس العام.
الأزمة السياسية وأعمال العنف
في عام 2007، طعن مرشح المعارضة رايلا أودينغا في نزاهة إعادة انتخاب كيباكي، مما أدى إلى اندلاع أعمال عنف عرقية استمرت شهرين، تسببت في مقتل أكثر من 1100 شخص وتشريد الآلاف. تدخل الاتحاد الأفريقي وتوسط في اتفاق لتقاسم السلطة، واعتمد الكينيون دستوراً جديداً في عام 2010.
قيادة اللجان والانتخابات
شغل روتو منصب رئيس اللجنة البرلمانية للإصلاح الدستوري في البرلمان التاسع، وانتُخب أميناً عاماً لحزب “كانو” في عام 2005. عارض الدستور الجديد وشكّل تحالفاً مضاداً مع شخصيات بارزة، مما أدى إلى رفض أغلبية الناخبين للدستور الجديد.
نائب رئيس الوزراء والملاحقة القضائية
في انتخابات 2007، دعم روتو مرشح المعارضة أودينغا ضد كيباكي. اندلعت احتجاجات عرقية عقب الإعلان عن فوز كيباكي، وأسفرت الوساطة عن تشكيل حكومة ائتلافية عُيّن فيها كيباكي رئيساً وأودينغا رئيساً للوزراء، بينما تولى روتو وزارة الزراعة ثم وزارة التعليم العالي.
تحالف اليوبيل والمحاكمة الدولية
في عام 2010، بدأت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً في أعمال العنف التي اندلعت بعد انتخابات 2007. تعاون روتو مع كينياتا وشكلا تحالف اليوبيل، وفازا في انتخابات 2013، حيث شغل روتو منصب نائب الرئيس حتى 2022. في سبتمبر 2013، بدأت المحكمة الجنائية الدولية محاكمة روتو، لكن القضية أُغلقت لعدم توفر الأدلة الكافية لإدانته.
رئاسة كينيا والتحديات الاقتصادية
في انتخابات 2022، ترشح روتو وفاز بأكثر من 7 ملايين صوت. تولى الرئاسة في 13 سبتمبر 2022، وبدأ يقترب من القوى الغربية، مقدماً نفسه كرائد في قضايا مثل تغير المناخ. لكنه واجه تحديات اقتصادية، إذ اندلعت احتجاجات في منتصف عام 2024 ضد قانون ضريبي جديد يهدف لجمع 2.7 مليار دولار لخفض العجز المالي، مما اضطره للتراجع عن توقيع القانون.
الأزمة الاقتصادية وتأثيرها
عانت كينيا من أزمة اقتصادية أدت إلى انخفاض قيمة الشيلينغ بنسبة 22% مقابل الدولار منذ عام 2022، مما زاد من أسعار المواد الغذائية والنقل والطاقة، بينما بقيت الدخول ثابتة إلى حد كبير. بالرغم من التحديات الكبيرة، يظل وليام روتو شخصية مؤثرة تسعى لتحقيق التغيير في كينيا.
الخاتمة
تعد قصة وليام روتو مثالاً على الإرادة والتصميم في مواجهة الصعوبات. من بائع متجول إلى رئيس كينيا، أثبت روتو أن الفقر والمعاناة يمكن أن يكونا دافعاً لتحقيق الطموحات الكبرى. ولكن فترته الرئاسية تواجه تحديات كبيرة تتطلب حلولاً جذرية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في البلاد
ترجمة فريق التحرير موقع سافانا الثقافي