سافانا الثقافية – الروائية الصومالية زهرة مرسل تؤكد لـ”العين الإخبارية” أن المشهد الأدبي والثقافي ببلادها صار في وضع أفضل مقارنة بالمجالات الأخرى.
تعد الكاتبة والروائية والمترجمة زهرة مرسل واحدة من الروائيات الصوماليات الواعدات، حيث صدرت لها روايتان هما “أميرة مع وقف التنفيذ” في 2012 و”أجوران عين أفريقيا” في 2015، استطاعت أن تحجز بهما مكانا على خريطة الأدب الصومالي، وتستعد حاليا لإصدار روايتها الثالثة.
الروائية الصومالية زهرة مرسل من مواليد الصومال وتلقت تعليمها في مصر، حيث حصلت على بكالوريوس علم الاجتماع من كلية الآداب جامعة القاهرة في 2009، وتعمل حاليا كمترجمة.
في حوارها مع “العين الإخبارية” أكدت مرسل أن المشهد الأدبي والثقافي في الصومال في وضع أفضل مقارنة بباقي المجالات في البلاد، ورغم كل ذلك ما زال ينبت من تحت راياته الكثير من المبدعين الذين يصلون للعالمية أمثال الكاتب نور الدين فارح وغيره من الكتاب والشعراء.. وإليكم نص الحوار:
– في البداية حدثينا عن المشهد الثقافي الراهن في الصومال؟
المشهد الثقافي لدينا في حالة مقبولة مقارنة بباقي الأوضاع في البلاد وهناك الكثير من الكتاب الناشئين والشعراء والكثير من القراء، وهذا شيء جيد ومبشر والمشهد الثقافي الصومالي رغم الحرب مستمر ويقاوم رغم المعاناة.
– كيف ترين حركة الأدب المعاصر لديكم ومكانتها في الدول العربية؟
الوضع الراهن لا يسمح لنا بطرح مقارنة بهذا الشكل، فوضع الكاتب أو الأديب الصومالي يختلف تماما عن قرينه العربي من حيث الدعم والتقبل، ناهيك عن كون الكاتب الصومالي متعدد اللغات والثقافات، فليس كل كاتب صومالي يكتب باللغة العربية، وهناك من يكتب بالإنجليزية وهناك من ما زال يستخدم لغتنا الأم وبكل الأحوال لدينا بعض الأسماء اللامعة والمتميزة سواء بالأدب الصومالي أو الإنجليزي وحتى العربي، لذا أنا أجد أن الحركة الأدبية في الصومال فريدة من نوعها، فهي متشعبة ومترامية الأطراف ولا يصح مقارنتها بأي حركة أدبية لأي بلد.
– إلى أي مدى صار الأدب ملاذا من الواقع المؤلم الذي نعيشه؟
لا أعتقد مطلقا أن الأدب أصبح ملاذا، وأظن أنه أصبح يعكس الواقع بشكل كئيب حتى إن كتب الفانتازيا والخيال باتت نادرة جدا، وإن وجدت يتلقى كاتبها الكثير من النقد والسخرية على “خياله الواسع”، وهذا في الحقيقة أمر محزن.
– من يتابع المشهد الثقافي الصومالي يجده في وضعية صعبة بسبب تهميش المثقفين وغياب استراتيجية واضحة المعالم.. ما رأيك في ذلك؟
أنا أنظر للأمر من زاوية أخرى تماما؛ فالصومال بلد مزقته الحروب الأهلية لأكثر من 20 عاما ورغم كل ذلك ما زال ينبت من تحت راياته الكثير من المبدعين الذين يصلون للعالمية أمثال الكاتب نورالدين فارح والشاعرة ورسن شيري، دون أن تؤثر الأزمة السياسية على موهبتهم، فقد علمتنا الحرب أن نعتمد على ذاتنا وألا ننتظر المساعدة والدعم من أي جهة، واعتدنا بفضلها على الكفاح وسلك الطرق الطويلة، لذلك قد يتأخر بعضنا في الظهور للسطح الإعلامي ولكن هذا لا يعني أن المبدعين منعدمون في الصومال.
– من أبرز الأسماء الأدبية والروائية النسائية في الصومال؟
تحضرني العديد من الأسماء ولكن المرأة الصومالية بارزة ومتميزة في كل المجالات التي تخوضها وتأثيرها قوي وفاعل على أرض الواقع, وهناك أكثر من اسم لسيدات صوماليات نجحن على الصعيد العالمي في مجال الرواية والشعر أمثال وريس ديريه وورسن شيري.
– هل ترين أن الروائي نور الدين فارح منح الصومال صوتا أدبيا مسموعا في العالم؟
بالتأكيد, فهو يعتمد على الصومال كخلفية أساسيه لكتاباته وما زال يتطرق بشكل دوري لصراعات الصوماليين ومشاكلهم وكثيرا ما يسلط الضوء على الجوانب المعتمة دون تحفظ في كتاباته.
– ما المشكلات التي يتعرض لها الكاتب والروائي في الصومال؟
أعتقد أن أكبر مشكلة كانت عدم وجود كتاب صوماليين يكتبون بالعربية ويمثلوننا في المحافل العامة من مؤتمرات ومسابقات وما إلى ذالك، إلا أن الأمر مختلف اليوم وهناك تطور ملحوظ.
– ما فكرة ورسالة روايتك الأخيرة “آجوران عين أفريقيا”؟
الرواية تدور حول بعض التفاصيل المنسية لإمبراطورية أو سلطنة آجوران العظيمة والتي كانت قائمة على أرض الصومال في القرن الـ15، وهناك جانب درامي فيها لا يقل أهمية عن الجانب التاريخي، يصف المصاعب التي قد تواجهها فتاة حالمة في بيئة تتسلط على أحلامها دون مبررات حقيقية تحت مسمى الدين والعادات والتقاليد، رغم أن أحلامها لا تتنافى مع الدين في شيء، لذا كان الغرض من كتابة هذا المسار الدرامي الموازي للمسار التاريخي في الرواية هو تحفيز جميع الحالمين على المثابرة والاجتهاد وعدم اليأس من تحقيق أحلامهم بسبب ضغوطات المجتمع وقيوده.
وكان لي عدة أهداف أسعى لتبليغها وأهمها تغيير الصورة النمطية للصومال وتعريف العالم العربي بأن هذا البلد أكثر من مجرد حرب أهلية ومجاعات إلى جانب تعزيز ثقة الإنسان الصومالي بنفسه وبتاريخ بلده.
– لماذا قررت استدعاء التاريخ ولم تتحدثي عن قضية الحروب الأهلية ومفهوم القبيلة مباشرة؟
قضية الحروب الأهلية أصبحت مستهلكة، واستحضرت الجانب التاريخي لأنني أؤمن بأن دوام الحال من المحال وأن الوضع الحالي لا بد أن ينتهي، وسينتهي بالاجتهاد والعمل الجاد والارتقاء، فنحن جيل عشنا معظم سنوات حياتنا في الغربة لا نعرف شيئا عن القبائل ومعظمنا لا يهمه أمرها، وقد سئمنا جدا من هذه الصورة النمطية والتقاليد البالية التي مزقتنا لسنوات طوال, والتغير قادم ونحن الآن نبني أساسه بعقولنا وبتربيتنا للأجيال القادمة بحب ورقي بعيدا عن القبلية, كل ارتقاء يحتاج لاستحضار واقع جميل وهذا ما سيجعلنا نتذكر أنه لا شيء مستحيل وأنه بوسعنا التغير للأفضل واجتياز هذه المرحلة.
– كيف كان تفاعل القراء والكتاب العرب مع كتاباتك؟
لاحظت في أعين ورسائل قرائي الفضول والحيادية، فهم يتقبلون شخصي وهويتي ولا يرونني كغريبة جاءت من المجهول بل يرونني نافذة تريهم الواقع من زاوية جديدة لم يعتادوها.
– هل ترين ضرورة أن يكون للكاتب موقف سياسي يبلوره في أعماله؟
لا مطلقا, وإن أراد ذلك وكان قادرا على تحمل نتاج مواقفه وأفكاره وعلى الإنصات للطرف الآخر فأنا لا أجد ضيرا في الأمر خصوصا إذا كان ذا علم وأدب.
المصدر – نشر في ثقافة – منارات بواسطة : السيد حسين – العين الإخبارية