سافانا الثقافي – يعد الدكتور عبد الفتاح نور أحمد أشكر عبقري حيث سطر فصولا ابداعيه في الثقافة العربية والصومالية، فهو رائد في مجال التراث والتاريخ ويتمتع بخبرة واسعة في شؤون استراتيجية الصحافة الرقمية والإعلام المعاصر، بالإضافة إلى كونه محرر أدبي في الدراسات الكلاسيكية الأدبية، بفضل أدائه المميز أصبح رمزًا للكتابة الفنية الإبداعية في القرن الأفريقي من وجهة نظري.
ما لا تعرفه عن كاتب الرواية
الدكتور عبد الفتاح هو شخصية أكاديمية مبدعة وخبير إعلامي، درس في الصومال والسودان وحاصل على دكتوراه في الإعلام والاستراتيجية من جامعة أم درمان الإسلامية، وتميز بالتحليل العميق والذوق الأدبي الرفيع في كتاباته، عمل الدكتور عبد الفتاح نور، في العديد من الصحف العربية والأجنبية، إلى جانب المواقع الدولية، الإقليمية، والمحلية المرموقة وبالإضافة إلى عمله في قسم العلاقات العامة لشركة غولس Gollis “الصومالية”، وكما عمل كمراسل وباحث لموقع الجزيرة نت.
يتحدث كتابه المعنون بـ”حواراتي مع رموز صومالية وأجنبية”، ويصفه بأنه عمل فريد ومبارك ونافذة لغوية وتاريخي، ويتضمن الكتاب شخصيات بارزة ورموز لامعة عالمية وإقليمية ومحلية، وبعد قراءة هذا الكتاب، يتم اختيار عنوان آخر للنص بعنوان “العبقرية الكلاسيكية والنافذة اللغوية”، ويتضمن الكتاب تجربة سياسية وحركة نقدية ودعوة للحرية ونضال للجهابذة، يتضمن الكتاب لطائف إنسانية ويمكن أن يمنح القارئ بعض السعادة والرونق في حياته.
مضمون كتاب حواراتي مع الرموز
يحتوي هذا الكتاب على حوالي 154 صفحة ويتميز بوجود 20 حوارًا مع شخصيات قيادية وسياسية وأكاديمية وفنية وسلاطين وزعماء قبائل وعشائر صومالية وغيرهم من الأجانب. بجانب ذلك، يضم الكتاب مجموعة مختارة من الرواد الصوماليين والأفارقة، الذين تنوعت أعمارهم وأديانهم وثقافاتهم. ويستكشف الكتاب موضوعات متنوعة تتعلق بالسياسة والمجتمع والثقافة والعلوم، ويضم الحوارات مكونات متعددة من الوجهاء والأعيان ورجال الدعوة وفرسان الثقافة والجامعات والمراكز العلمية والبحثية.
بعدما قدم الكاتب مقدمته الفاخرة، يتبعها تمهيد من أثر وتقديم منقى، والمُؤلف الأول هو عثمان الكبشاني، الصحفي السوداني المتمرس العامل في موقع الجزيرة نت، صرح الكبشاني بأن الكاتب سيجد رموزًا أخرى خلال سنوات دراسته في السودان، حيث يعيش تفاصيل الحياة السودانية اليومية ويندرج في ثنايا المجتمع في جميع أنحاء السودان، سواء في العاصمة الخرطوم أو على السهول والبراري، وكما فعل سلفه الموسيقي والممثل والمغني الصومالي الموهوب أحمد ربشه، الذي تعجب بمواهبه المتعددة.
كما أضاف الدكتور محمد العلي، الصحفي والباحث الفلسطيني في موقع الجزيرة نت، عن الكتاب “حواراتي” بأن القراء يحتاجون إلى شيء فريد وجديد في الكتب، وأن الكتب التي تضم حوارات مختارة هي الإستثناء من القاعدة، كم تمنى له بأن يحقق كتابه متعة وفائدة للقراء، وفي الفصل الأول يتم مناقشة مفهوم علم السياسة حيث يوضحه بعض الباحثين والعلماء، ويصفونه بأنه علم يتضمن قواعد وأصول ومناهج، وهو موضوع للدراسة الأكاديمية والبحث العلمي، ومع ذلك فإن القليل من الأشخاص هم الذين يتمتعون بالاستعداد الذهني للتعامل مع السياسة بصفتها علمًا بأصول وقواعد دقيقة.
في بداية المقابلة الصحفية، يشاهد القارئ رجال السياسة ومراسيمهم القيادية وبصماتهم الملموسة، وخاصة في إقليم بونت لاند وأرض الصومال والصومال الغربي ويتصدر هذه النخبة السياسية الدكتور سعيد عبد الله “دني” رئيس حكومة ولاية بونت لاند الصومالية حالياً، وتناول الكاتب في حواره معه بداية نشأته ومراحله الدراسية وتحوّله من التعليم إلى التجارة ومن ثم إلى السياسة، وكذلك دور الديمقراطية في بونت لاند وجذور الخلافات مع الحكومة الصومالية، وبهذا الحوار يتم الإجابة بشكل مفصل عن التساؤلات الوردة في الصفحات، وتحققت الديمقراطية في بونت لاند خلال السنوات الرئاسية الأولى، و”مقولة الرئيس” تضع النقط على الحروف وتوضح المزيد من التفاصيل.
كما يتضمن هذا الفصل معلومات عن عدد من الشخصيات الصومالية المعروفة، بما في ذلك مصطفى محمد عمر ، الرئيس الحالي للإقليم الصومالي، والدكتور عبد الولي محمد علي غاس ، الرئيس السابق لإقليم بونت لاند ، وعبد الرحمن محمد عبد الله عرو (Cirro) ، الرئيس السابق لمجلس نواب أرض الصومال ورئيس حزب المعارضة السياسية (وطني) الحالي. تشمل القائمة أيضًا الأستاذ علي حاجي ورسمي ، الوزير السابق للتعليم العالي في حكومة بونت لاند ، والشيخ إبراهيم محمد حسين (إبراهيم طيري) ، الرئيس السابق لجبهة تحرير الصومال الغربي في أغادينيا.
الفصل الثاني من كتاب حواراتي
في الفصل الثاني مع النخبة والأشخاص المرموقين، يشير الكاتب إلى مجموعة متنوعة من الشخصيات والأشخاص البارزين، ويتضمن هذا الفصل مجموعة من الأعيان والوجهاء بالإضافة إلى رواد شتى وعظماء، وتتحدث قراءة حول هذه الرموز عن دروس وفوائد وخبرات قيادية، بما في ذلك الأمير الدكتور قاسم بدرو نوح، أمير المسلمين في أوغندا الذي درس في كل من أمريكا وبريطانيا وباكستان، كما يتحدث عن ملك برهان ملك موسي، ملك مملكة الدارودية الذي أيضًا يمتلك قصة وحوار ساخن عن”تمثل القبيلة دورًا حيويًا كملاذ وحيد بعد انهيار بنية الدولة الصومالية”.
الفصل الثالث من كتاب حواراتي
في الفصل الثالث يتم الحديث عن رجال الدعوة والأبطال الثقافيين، حيث يُفهم تحت مصطلح الدعوة أو الرسالة، وهناك من يعتبر الدعوة كعملية نشر الإسلام ونقل الرسالة، ويُعتبر الثقافة كمعيار اجتماعي يتم تطبيقه في المجتمعات البشرية، وفي رأي العديد من الأشخاص الذين ينتمون إلى الثقافة، فإن “الثقافة” هي مفهوم أساسي في دراسة علم الأنثروبولوجيا، والذي يشمل جميع الظواهر التي تتم من خلال التعلم الاجتماعي في المجتمعات البشرية، ومن هذا المنطلق يقدر العديد من الأشخاص في العالم الإسلامي والعربي والشخصيات الرائدة في الدعوة وإصلاح الأمة، بما في ذلك الكتاب والمؤلفين والأسماء المعروفة.
يتجه الحديث في هذه الفقرة للحديث عن سعادة الدكتور أحمد حاجي عبد الرحمن، وهو شخصية صومالية أكاديمية ودعوية، ويتمتع بصفات مثل التواضع والعلم والثقة النفسية، ويجمع بين الثقافة الإسلامية والعلوم العسكرية، ونشأ وترعرع في بيت مليء بالأدب والتاريخ، ودرس في العراق والمملكة العربية السعودية، ويؤكد الدكتور في حواره أهمية القراءة المتأنية لتاريخ الإسلام في حل مشاكل الصومال رحمه الله برحمته الواسعة، ومنهم الداعية الشهير، الشيخ يوسف علي عينتي، الذي يحظى بشعبية كبيرة في المجتمع الصومالي.
بما في ذلك في روايات الدكتور محمد طاهر أفرح، الروائي الصومالي المشهور والمؤلف الرائد، والشخص الذي يعتبر قنطرة فكرية ومؤسس للأكاديمية الإقليمية للغة الصومالية والأدب والثقافة، ولديه مجموعة كبيرة من الكتب بما في ذلك رواية “مان فاي” الشهيرة و”غلتي معروف” بالإضافة إلى مقالات وحكايات شعبية في المجلات العربية والصومالية والشبكات العنكبوتية، وديوان شعر ومؤلفات أخرى، وحاليًا يعمل على كتاب “نافذة على الإبداع في منطقة خليج عدن” الذي يدرس الثقافة والفن في الصومال وجيبوتي واليمن.
ينتمي البروفيسور صلاح الفاضل إلى الكوادر العلمية البارزة، حيث يقدم برنامج “الصومال الجميل” عبر إذاعة أم درمان، وتفيد مساهماته في الكتاب بمعلومات وجوانب متنوعة حول الثقافة والفنون والدراسات الصومالية، وبرأيه القلم البارع يسلط الضوء على مؤهلات خاصة تجعله يتميز بين الآخرين، إذ يتميز بطرحه لأفكار عميقة وقيّمة حول الثقافة والأدب والتراث الصومالي بخصوصية فريدة من نوعها، وجواباته للأسئلة المختلفة التي تعتبر من سماته الفريدة كانت مفاتيح للتعرف على تجربته في الصومال، حيث أجاب على العديد من الأسئلة مثل “متى قمت بزيارة الصومال للمرة الأولى؟ وهل تعتبر إذاعة الصومال مميزة بالنسبة لك؟” ومن بين العادات والأعراف الصومالية، من الذي أعجبك أكثر، وهل تفكر في العودة مجدداً إلى الصومال؟”.
من بين الأشخاص المذكورين، هناك محمد الشيخ حسن، الذي يعد باحثاً في الصومال وناقداً بصيراً ومؤرخاً موهوباً، وبعد انهيار الحكومة المركزية وفقدان التراث الصومالي والهوية، اتخذ على عاتقه مسؤولية كبيرة وكان على قدر المسؤولية قام بأداء دور الدولة وتحمل المصاعب المستمرة، ومواجهة العواقب الدائمة للحروب الأهلية لفترة، وتأسس دار “اسكان صوم” للطباعة والنشر وتجليد الكتب، بالإضافة إلى الدكتور محمد حسين معلم، الذي يدير مشروع “معجم المؤلفين الصوماليين باللغة العربية”.
السيد د. صادق محمد المعروف باسم “أينو” هو كاتب مشهور للمصنفات والمقالات الحادة، كما يشاركه في هذا الإعلان الفنان الكبير الأستاذ أحمد ناجي، الذي ذكر في مقابلة أن الأغاني الصومالية تأثرت بالأغاني السودانية، وجميعهم يستحقون الدراسة، ويجب أن تعتبر القراءة مستشفى للعقول في هذه الحالة.
الفصل الرابع من كتاب حواراتي
في الفصل الرابع، يتحدث عن الجامعات ويصفها بأنها منشآت تعليمية تم التحاق الطلاب بها بعد الانتهاء من دراستهم في المدارس الثانوية، وهي الأعلى في مجال التعليم العالي ويذكر المؤلف رموزًا مشهورة في مجال التعليم والتربية في القرن الأفريقي بشكل عام وفي الصومال بشكل خاص، ويبدأ بذكر العملاق الدكتور أنس عبد النور كاليسا، الذي كان نائب رئيس الجامعة الإسلامية في أوغندا والمستشار السابق للرئيس عيدي أمين، ولديه قصة وتجربة خاصة.
ويتضمن الأشخاص المذكورين أيضًا الأستاذ حامد الشيخ محمد، رئيس ومؤسس جامعة ولاية بونت لاند، وفي المقابلة التي تمت معه، تحدث عن دروس وتاريخ وتجارب نافعة لمن يرغب في استكشافها، ويمثل جامعة PSU مؤسسة ناجحة ذات تاريخ عريق ونافذة تعليمية، وخلال اللقاء طرح الكاتب أسئلة مهمة على الأستاذ حول جامعة بونت لاند، من بينها “متى بدأ المشروع الجامعي، وهل للجامعة علاقات محلية وعالمية، وكيف يمكن تحسين التعليم العالي في الصومال؟”.
من ضمنهم الدكتور محمد عبدي آدم، الذي درس في السعودية والسودان، وفي مقابلة صحفية، قال أن السودان شكل جزءًا كبيرًا من وجدانه ويحترمها كثيرًا، وفي مقال آخر كشف عن شخصية أكاديمية مرموقة في الصومال، الدكتور آدم الشيخ دون علي، الذي أعرب في حوار معه عن تمنيه لو كان قد التقاه أو أخذ نصيحة منه، وبعد انتهاء الثانوية العامة قرر الانضمام إلى معهد حلني للتدريب العسكري، ثم بعد ذلك التحق بالجامعة الوطنية الصومالية، كلية التربية لفوليLafoole، تخصص فيزياء ورياضة، وانضم إلى السلك التعليمي حيث بدأ مشواره التدريسي.
وخلال تفشي الحرب وانهيار الحكومة الصومالية، اضطر لمواجهة مصاعب كغيره من إخوانه، ومرت به جميع التساؤلات عن بداية مسيرته، فقد بدأ النضال بعد تخرجه من الجامعة، وتعلم من دروس تجربته وعاد بعد ذلك من إثيوبيا وساعد في إصلاح النظام الجامعي، وحاليا يشغل منصب مدير جامعة شرق أفريقيا، وكل هؤلاء يمرون بمختلف الدروب، ولكن القراءة تعتبر مستشفى العقول، وجميع هؤلاء الأيقونات لديهم قصتهم وحكايتهم وتجاربهم ونجاحاتهم، ويمكنك قراءتها من خلال صفحات الكتاب. في نهاية المطالعة البسيطة لكتاب “حواراتي، مع رموز صومالية وأجنبية” للدكتور عبد الفتاح نور، أنهت أختتم ما وصفه مصطفى إسحاق علي، الباحث والمهندس الصومالي، والمترجم المستقل ومدير شبكة بوابة الصومال الإخبارية.
فصومال هو موطن المواهب والإبداع وأرض الصمود والثبات، ويتميز قلم عبد الفتاح اشكر بسلاسة التعبير وجماله، وبالإضافة إلى ذلك فإن حبره يتسم بجزالة الكلمات وعذوبة الألفاظ في كتاباته عن السياسة والقضايا الاجتماعية، ويشارك في هذا الأمر أصحاب الأقلام الصومالية، الذين يتبعون ويطيعون لهذا القائد، عندما يتم الإمساك بهم من طرف الدكتورين محمد معلم حسين وأبو بكر خليفة، والمهندسين حسن قرني ومختار الحدري، وعبد الوهاب محمد عثمان الذي يعتبر مبادرة لا مدرسية، ومحمود عبدي الذي يعتبر مالك القاموس الأول، وغيرهم مثل منير عبد الله وآدم أزهري.
لا يُعد غريباً المشاهدة العديد من الأقلام الصومالية تبرز من مصادر الإبداع والكتابة، وذلك لأنها اكتسبت بسهولة معارفها من نهر النيل الشامخ الذي يسرّ بمياهه النقية خاليةً من الشوائب والصدأ، أنا شاهد على من جانبه وقعت نظري منذ سنوات على كتاباته موجودة على موقع صومال اليوم وشبكة الشاهد الإخبارية. في ذاك الوقت، كان المؤلفون الصوماليون الذين يكتبون باللغة العربية والمدونون يعيشون في قمة ازدهارهم، وعلى الرغم من وجوده في الحياة السياسية وشغله المتعدد الوظائف، لكني أتمنى له أن يستمر في هوايته ويرفض التوقف عنها، فإن الإنسان يمتلك القدرة على تحقيق ما خُلِق لأجله.
الخاتمة
بعد تجوال القارئ بين صفحات كتاب “حواراتي مع رموز صومالية وأجنبية”، يترك الكتاب أثراً عميقاً في نفوسهم من خلال الحوارات الملهمة والقصص الإنسانية المؤثرة، ويعمل الكتاب على توسيع آفاق القارئ وزيادة فهمه للثقافات المتنوعة والتجارب الحياتية الغنية، وفي نهاية المطاف يهدف الكتاب إلى إثراء حياة القارئ معرفياً وعاطفياً، مما يجعله مصدر إلهام وتفاؤل للمستقبل.
إقرا المزيد: