سافانا مختاراتسافانا مقالات الرأى

الاحتفال بمثابرة المزارعات – حافز لا يصدق للتحول الاجتماعي والاقتصادي

سافانا الثقافي – يمثل اليوم العالمي للمرأة 2024 بمثابة تذكير مؤثر بالنضال المستمر من أجل المساواة بين الجنسين وضرورة تعزيز البيئات الشاملة وتحت شعار “إلهام الإدماج”، يؤكد احتفال هذا العام على المسؤولية الجماعية للأفراد والمنظمات للعمل بنشاط على تعزيز المساحات التي يتم فيها الاعتراف بمساهمات المرأة وتقديرها ومن خلال تبني المبادرات التي تدعم الشمولية، فإننا نمهد الطريق لإحراز تقدم ملموس نحو المساواة بين الجنسين والتحول المجتمعي.

قصة أجاثا: منارة الصمود

وسط الخطاب العالمي حول تمكين المرأة، تتألق رواية أجاثا، وهي مزارعة من أصحاب الحيازات الصغيرة تبلغ من العمر 25 عاماً وتنحدر من ضواحي كيليمواندو، بجمهورية الكونغو الديمقراطية، بشكل مشرق ودخلت أجاثا عالم الزراعة في عمر 15 عامًا، وهي تجسد الاجتهاد الذي لا يتزعزع والمرونة التي تتمتع بها النساء اللاتي يلعبن دورًا محوريًا في ضمان الأمن الغذائي الإقليمي ودفع التنمية الاجتماعية والاقتصادية ورحلتها هي بمثابة شهادة على روح المرأة التي لا تقهر في طليعة التحول الزراعي.

وفي أفريقيا، تشكل المزارعات من أصحاب الحيازات الصغيرة العمود الفقري للقوى العاملة الزراعية، حيث يشكلن ما يقدر بنحو 60 إلى 80% من القوى العاملة ويؤكد هذا الواقع الديموغرافي الاعتماد الحاسم على جهودهم الدؤوبة من أجل إعالة القارة ومن زراعة المحاصيل إلى رعاية الماشية، تلعب هؤلاء النساء دورًا لا غنى عنه في إعالة أسرهن ومجتمعاتهن المحلية، وغالبًا ما يعملن في بيئات صعبة ومحدودة الموارد.

معالجة الفقر الريفي: الزراعة باعتبارها شريان الحياة

تعتبر الزراعة الوسيلة الأساسية لكسب العيش بالنسبة لملايين الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الريفية، حيث يقيم ما يقرب من 80% من أفقر الأفراد في العالم وفي هذا السياق، يتحمل المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة، وأغلبهم من النساء، مسؤولية زراعة المحاصيل وتربية الماشية على قطع محدودة من الأراضي وتلعب قدرتهم على الصمود وبراعتهم دورًا أساسيًا في التخفيف من انعدام الأمن الغذائي والفقر، مما يؤكد الدور الذي لا غنى عنه للزراعة في تعزيز التمكين الاقتصادي والقدرة المجتمعية على الصمود.

وبالنسبة للعديد من النساء، وخاصة في المناطق الريفية في الجنوب الأفريقي، تمثل المياه الجوفية شريان الحياة الذي يحافظ على سبل العيش ويعزز استقرار المجتمع وإلى جانب دورها في تلبية احتياجات الاستهلاك الأساسية، تعمل المياه الجوفية كمورد بالغ الأهمية للإنتاج الزراعي، مما يمكّن المزارعين من ري المحاصيل والتخفيف من آثار أنماط هطول الأمطار غير المنتظمة وتمتد أهميتها إلى ما هو أبعد من مجرد توفير سبل العيش، مما يسلط الضوء على مساهمتها المحورية في الأمن الغذائي والتنمية الريفية.

الاحتفال بمثابرة المزارعات - حافز لا يصدق للتحول الاجتماعي والاقتصادي
الاحتفال بمثابرة المزارعات – حافز لا يصدق للتحول الاجتماعي والاقتصادي

رؤى من الميدان: فهم التحديات التي تواجه المرأة

وقد زودت الزيارة الميدانية التي قام بها مؤخراً إلى كيمبانغو فريق SADC-GMI برؤى لا تقدر بثمن حول التحديات التي تواجهها المرأة في الزراعة، كما روتها أجاثا نفسها ببلاغة ومن محدودية الوصول إلى الموارد وفرص السوق إلى التمييز القائم على نوع الجنس وعدم المساواة الاجتماعية، تواجه النساء في المجتمعات الريفية عقبات متعددة الأوجه في سعيهن لتحقيق الاستقلال الاقتصادي والتمكين ومن خلال إيصال أصواتهم ومعالجة العوائق النظامية، يمكننا العمل بشكل جماعي نحو بناء مستقبل أكثر شمولاً وإنصافًا للجميع.

واليوم، نشيد بأجاثا وعدد لا يحصى من النساء اللاتي يعملن بلا كلل في القطاع الزراعي، والذي غالبًا ما يتم تجاهله ولكنه ضروري لاستدامة الاقتصادات ورعاية المجتمعات وإن إخلاص أجاثا لقطعة أرضها التي تبلغ مساحتها ثلاثة هكتارات يجسد التفاني والعاطفة التي تجلبها النساء إلى عملهن في الزراعة، حيث تقوم بزراعة الفول السوداني ومجموعة متنوعة من المحاصيل لإعالة نفسها وطفليها الصغيرين يبدأ يومها مبكرًا، لضمان رعاية أطفالها قبل أن تتوجه إلى المزرعة، حيث تستثمر ما يقرب من سبع ساعات يوميًا لتأمين سبل عيش مستقرة لعائلتها.

التحديات التي تواجهها المزارعات

وعلى الرغم من التزامها الثابت، فإن دخل أجاثا من مزرعتها الصغيرة لا يكفي لتغطية نفقات التعليم، مما يجعل مستقبل أطفالها غير مؤكد وهي تعكس مشاعر العديد من المزارعات اللاتي يواجهن تحديات هائلة، بما في ذلك الافتقار إلى ملكية الأراضي، ومحدودية الوصول إلى الأسواق، ووسائل النقل غير الموثوقة ويؤدي غياب مصدر بديل للمياه لأغراض الري إلى تفاقم محنتها، حيث إنها تتعلق فقط بهطول الأمطار الذي لا يمكن التنبؤ به على نحو متزايد وهي نقطة الضعف التي تفاقمت بسبب شبح تغير المناخ.

دور المياه الجوفية في الاستدامة الزراعية

وفي مواجهة هذه التحديات، تبرز المياه الجوفية كحل واعد للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة مثل أغاث، وخاصة في الجنوب الأفريقي ومعهد إدارة المياه الجوفية التابع للجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي (SADC-GMI) مكرس لتعزيز الاستخدام المتزامن وإدارة موارد المياه السطحية والجوفية، وتسهيل تطوير البنية التحتية والخدمات المائية مثل الآبار وأنظمة الري التي تعمل بالطاقة الشمسية وبدعم من مرفق البيئة العالمية والبنك الدولي، أنشأت مجموعة SADC-GMI خططًا مجتمعية لإمدادات المياه الجوفية التي تساهم في الأمن الغذائي الإقليمي، والقدرة على الصمود في وجه تغير المناخ، والتكيف، مع لعب المرأة دورًا مركزيًا في هذه المبادرات.

تمكين المرأة في إدارة المياه

تؤكد السيدة باتاناي غوانغواوا، أخصائية الإدارة البيئية والاجتماعية في SADC-GMI، على أهمية تعزيز الدور الأساسي للمرأة من خلال دعم الإدارة المستدامة للمياه الجوفية وتنفيذ السياسات والمبادرات التي تراعي الفوارق بين الجنسين وتؤكد على ضرورة معالجة الحواجز الحاسمة مثل ملكية الأراضي الآمنة، والحصول على التمويل، والتدريب الشامل، والعلاقات القوية بالسوق، والتي تعتبر ضرورية لتمكين المزارعات وتعزيز إنتاجيتهن، وبالتالي المساهمة في تحسين الأمن الغذائي ودخل الأسر.

ورغم التقدم الذي تم إحرازه في تمكين المرأة، فإن المساواة بين الجنسين، وخاصة في الأدوار القيادية وصنع القرار، لا تزال قضية ملحة وفي قطاع المياه الجوفية، لا يزال تمثيل المرأة في مناصب صنع القرار منخفضا بشكل غير متناسب، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى تغييرات منهجية لتعزيز تكافؤ الفرص للمرأة. تلتزم SADC-GMI بتعزيز استراتيجيتها للمساواة بين الجنسين والإدماج الاجتماعي (2021-2025)، التي تهدف إلى تضخيم مشاركة المرأة في جميع المشاريع لتحقيق أقصى قدر من التأثير وتعزيز التحول الاجتماعي والاقتصادي المستدام.

التمكين من أجل التحول المستدام 

إن تمكين المرأة ليس مجرد مسألة تتعلق بالمساواة بل هو ضرورة أساسية لتمكينها كعوامل قوية للتغيير الاجتماعي والاقتصادي، وهو أمر بالغ الأهمية للتحول المستدام لمجتمعاتنا. ومن خلال الجهود المتضافرة لمعالجة الفوارق بين الجنسين وتعزيز الممارسات الشاملة، يمكننا خلق مستقبل أكثر إنصافًا ومرونة للجميع.

إقرا المزيد:

اظهر المزيد

savannahafrican

فريق التحرير موقع سافانا الثقافي
زر الذهاب إلى الأعلى