اتخذت المملكة المتحدة قراراً تاريخياً بإعادة جزر تشاغوس إلى موريشيوس. منهية بذلك واحداً من أطول النزاعات الاستعمارية في إفريقيا. لطالما كانت جزر تشاغوس، الواقعة في المحيط الهندي، مصدر توتر بين المملكة المتحدة وموريشيوس لعدة عقود. احتفظت بريطانيا بالجزر بعد حصول موريشيوس على استقلالها في عام 1968، مما أثار جدلاً دولياً. تم تهجير سكان شاغوس الأصليين قسراً في الستينيات والسبعينيات لإفساح المجال لأغراض عسكرية، مما خلق إحساسًا عميقًا بالظلم بينهم. ويُعتبر هذا القرار بإعادة الجزر انتصاراً لكل من موريشيوس والدعوات العالمية لإنهاء الاستعمار.
الضغوط الدولية والأحكام القانونية لإعادة جزر تشاغوس
جاء قرار المملكة المتحدة في ظل ضغوط كبيرة من الهيئات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية. حيث أصدرت كلتا المؤسستين أحكاماً تقضي بعدم قانونية فصل المملكة المتحدة لجزر تشاغوس عن موريشيوس. كانت هذه الأحكام حاسمة في تمهيد الأساس القانوني لعودة الجزر. وقد أصدرت محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري في عام 2019 بأن عملية إنهاء الاستعمار كانت غير مكتملة. وأن استمرار سيطرة المملكة المتحدة على الجزر ينتهك القانون الدولي. هذه الضغوط الدولية المتزايدة تركت المملكة المتحدة دون خيار سوى التفاوض على نقل السيادة إلى موريشيوس، وهو ما يُعتبر تحولاً مهماً في حركة إنهاء الاستعمار العالمية.
مستقبل القاعدة العسكرية في دييغو غارسيا
على الرغم من اتفاقها على إعادة جزر تشاغوس، أوضحت المملكة المتحدة أنها ستحتفظ بالسيطرة على القاعدة العسكرية في جزيرة دييغو غارسيا، وهي أكبر جزر تشاغوس. تُعد القاعدة التي تُدار بالاشتراك مع الولايات المتحدة منذ عقود، ذات أهمية استراتيجية لكلا البلدين، حيث تعد مركزًا عسكرياً رئيسياً للعمليات في الشرق الأوسط وآسيا. بينما ستُعاد بقية جزر شاغوس إلى موريشيوس، ستظل دييغو غارسيا تحت سيطرة بريطانيا والولايات المتحدة، مما يضمن استمرار مصالحهما العسكرية في المنطقة.
مخاوف سكان جزر تشاغوس ودعواتهم لتقرير المصير
من أكثر الجوانب إثارة للجدل في هذا الاتفاق هو استبعاد سكان تشاغوس من عملية التفاوض. لقد كافح سكان تشاغوس الذين تم تهجيرهم من موطنهم لفترة طويلة من أجل حقهم في العودة وتقرير المصير. يخشى الكثير منهم أن يؤدي نقل السيادة من بريطانيا إلى موريشيوس إلى فقدان هويتهم وتهميشهم بشكل أكبر. وقد أعربوا عن خيبة أملهم إزاء عدم التشاور معهم في المفاوضات وقلقهم بشأن دورهم المستقبلي في إدارة الجزر. يُظهر استبعادهم مدى تعقيد حل المظالم الاستعمارية بطريقة تضمن حقوق وتطلعات السكان الأصليين.
دور موريشيوس في إدارة جزر تشاغوس
مع إعادة جزر تشاغوس إلى موريشيوس، تثار التساؤلات حول كيفية إدارة البلاد للجزر ومعالجة مظالم سكان تشاغوس. أعربت موريشيوس عن التزامها بضمان حقوق سكان شاغوس والعمل على إعادة توطينهم في الجزر. ومع ذلك، سيكون هذا الأمر عملية حساسة، حيث سيتعين على موريشيوس موازنة مصالح سكان شاغوس مع الاعتبارات الوطنية والدولية الأوسع، خصوصاً فيما يتعلق باستمرار وجود القاعدة العسكرية في دييغو غارسيا. ستكون طريقة تعامل موريشيوس مع هذا الانتقال حاسمة في تحديد نجاح الاتفاقية على المدى الطويل.
الخاتمة
تشكل إعادة جزر تشاغوس إلى موريشيوس لحظة هامة في تاريخ إنهاء الاستعمار، وتضع سابقة للنزاعات المماثلة حول العالم. وبينما يحل الاتفاق قضية طويلة الأمد بين المملكة المتحدة وموريشيوس، لا يزال مستقبل سكان شاغوس وسعيهم لتقرير المصير غير واضح. كما أن احتفاظ المملكة المتحدة بدييغو غارسيا كقاعدة عسكرية يضيف طبقة أخرى من التعقيد. ومع اقتراب الانتهاء من الاتفاقيات القانونية، سيكون من المهم متابعة تأثير هذا القرار على الخطاب الأوسع حول الاستعمار وحقوق الشعوب الأصلية والقانون الدولي.
إقرا المزيد: