سافانا الأدب والفنسافانا مختارات

الأدب الأفريقـي .. نحو العالمية

الأدب الأفريقـي .. نحو العالمية

 

الأدب الافريقي هو مصطلح حديث الظهور تزامن مع بدايات حركات التحرر الأفريقية وحصول بعض الدول الأفريقية على استقلالها منذ ستينيات القرن الماضي .

وقد انبثق مصطلح الأدب الأفريقي منذ منتصف القرن العشرين ليعبر عن آداب الأقاليم الواقعة جنوب الصحراء بصفة عامة والأدب الأفريقي الزنجي بصفة خاصة ، والواقع أن هذا التقسيم يفتقر إلى التكنيك الفني والأدبي ، فهو بالأحرى جغرافي مستمد من الثقافة  الإستعمارية.

والأدب الافريقي وفقاً للطرح الموضوعي هو كل ما كتبه ونطقه كافة أبناء القارة السمراء بشمالها وجنوبها ، دون السقوط في أُطر الجغرافيا العنصرية ، وذلك بالنظر الي مصطلح ” أدب افريقيا الزنجية ” ، حيث أشار المستشرق  الألماني “هاينز يان ” أنه لا يجوز تطبيق منهجية ارتباط  الثقافة بالعرق ، لاعتبارها من القيم المطلقة .

ويطغى علي الشعر الإفريقي عبارات التمجيد والتبريك التي تشمل الآلهة والإنسان والحيوان والنبات والبقاع ، وأهم أناشيد التمجيد في إفريقيا تلك التي تتناول زعماء القبائل وقادة الحروب. كأناشيد المديح التي تمجد زعيم الزولو العظيم شاكا كما تتميز قبائل اليوروبا باستخدام أسماء التبريك  “Oriki” وقصائد الدراويش في الصومال وكلها مستوحاة من أشعار الحكمة وأغاني الصيادين والرقى والتعاويذ العتيقة .

كما يعد شعر (الإيجو )أكثر الأشعار الإفريقية إحكاماً في الصنعة، لذلك لا يستطيع نظمه سوى بعض الكهنة  وقد يتطلب إلقاء قصيدة ليلة بكاملها بمصاحبة السرد القصصي لمواقف تاريخية وأسطورية يستعين بها الكاهن أو العراف للحكم في قضية ما وهو ما يعرف بـ(أشعار أودو).

وللألغاز في إفريقيا حضور دائم في الأسمار بصفة خاصة ، وغالباً ما تتخذ صيغة العرض والإفادة لا صيغة السؤال مع مراعاة القالب المجازي الذي يعكس قوة مخيلة صاحبه.

جدير بالذكر أن هذه الفنون الشعبية الموروثة بدأت منذ منتصف القرن العشرين، ولاسيما ما يتعلق منها بالطقوس الدينية، وأخذت صيغ التبريك والمديح في الشعر تتحول إلى رجال السياسة، فيما تم اتباع الرقى والتعاويذ في هجاء الخصوم، بيد أن النزعة القومية لدى الأفارقة ونزوعهم إلى التحرر من الاستعمار الغربي أدي إلى ازدياد اهتمامهم بتراثهم الحضاري، فلم يعد العمل على جمعه ودراسته محصوراً في دوائر التبشير وعلماء الأجناس واللغات الأجنبية ، بل صارت المجموعات التي دونها كتّاب أفارقة منذ ثلاثينات القرن العشرين هي اروع مكتسبات التراث الشعبي الإفريقي. وظهرت آثار هذا التراث في أعمال معظم الكتاب الأفارقة مثل آموس توتولا من شعب اليوروبا الذي كان في مطلع حياته راوياً.

ويلحظ ثمة خطأ منهجي وقع  فيه كثيرمن المستشرقين ويتمثل في رفضهم الاعتراف بالدور الاسلامي الثقافي للرحالة المسلمون خلال القرون الماضية في افريقيا الغربية والشرقية والوسطي والقرن الافريقي وما ترتب عليه من تمازج عرقي و تعاون شامل في مناحي الحياة المختلفة  ، وبالنظر للشعوب الافريقية التي تجرعت كأس المستعمر ولغته وثقافته لوقت ليس بالقليل مما جعلها تعاني انقساماً حضارياً يؤثر في هويتها، كما نجد صعوبة في  تجاهل دور هذه الثقافات واللغات  في توثيق الثراث الادبي الافريقي وحمايته من الاندثار حتي ولو كان بلغات المستعمر.

ومن هذا المنطلق يمكن تقسيم الادب الافريقي علي النحو التالي :

  • الأدب الافريقي المدون بلغات افريقية:

يمكن حصر اللغات المحلية الإفريقية باختلافها في عشر مجموعات أساسية تضم كل مجموعة منها عدداً كبيراً من اللغات أو اللهجات، وتعدّ المجموعة الكونغولية الكردفانية (نسبة إلى كردفان بالسودان) في مقدمة هذه المجموعات. وتنتشر ما بين نهر السنغال وكينيا، والمجموعة الماندية في مالي وخليج غينيا.ومجموعة البمبرا (البمبارا)  في النيجر، والسواحيلية في كينيا وتنزانيا وأوغندة وأجزاء من الكونغو، والحوصة في غربي إفريقيا، والجعزية والأمهرية والتيجرية والتجرانية: في إثيوبيا، والأمازيغية (البربرية) في المغرب العربي ، إضافة إلى العربية التي تعد أوسع اللغات انتشاراً في إفريقيا.

وقد زادت الدعوة إلى إحياء تلك اللغات واستعمالها بعد الاستقلال فعادت إلى الحياة بعض اللغات القديمة ، وظهرت لغات جديدة كالأفريكانية التي انتشرت في جنوبي إفريقيا بين السكان المحليين، وهي خليط من بعض لغات البانتو والزولو والإنجليزية والهولندية ، بيد أن معظم هذه اللغات يكتب بحروف لاتينية.

تعد السواحيلية من أهم اللهجات الإفريقية وأقدمها ، وهي لغة أهل السواحل والجزر الشرقية بين كينيا وتنزانيا في الجنوب، وللعربية أثر ظاهر فيها إذ تكتب بحروفها، وتعود أقدم المدونات بها إلى أواخر القرن السابع عشر، وتشتمل هذه المدونات على بعض النصوص الدينية الإسلامية أو القصائد القصصية المستوحاة من التراث العربي و الفارسي ، وتعد السواحلية اللغة الوحيدة التي دوّن بها تاريخ الأفارقة الناطقين بها قبل مجيئ الاستعمار الغربي للقارة، وثمة دوريات مطبوعة عن مدن لامو ومومباسا وبات ، أما أعظم كتّاب السواحيلية في القرن العشرين فهو “شعبان روبرت” الذي جمع بين عناصر الثقافة الإسلامية والغربية.

ويحتل الشعر المحل الأول في التراث السواحلي، ومعظمه من الشعر الملحمي الذي يتألف من رباعيات، يضم كل سطر منها ثمانية مقاطع، وأشهر الملاحم السواحلية “المحمديّة” و« رأس الغول»  والتمبوكان أو الهريكالي وغيرها من الملاحم الكثيرة الأخرى في موضوعات شتى معظمها ديني إسلامي وتاريخي،  وظهرت في مطلع القرن العشرين ملحمة وطنية تصف حروب سكان السواحل مع ألمانيا، وهنالك مجموعة من القصص تدور حول البطل القومي ليونغو وتضم تراثاً غنياً بالأناشيد والأشعار التي لها أهميتها في الثقافة السواحلية، وما يتصل بها من دراسات، أما الكتابات النثرية بالسواحلية فتستمد موضوعاتها من التراث والأساطير، ويعد جيمس فيوتيلا أول من كتب القصة الحديثة بالسواحلية حين ألف روايته التاريخية «الحرية للعبيد» ، ومن كتاب القصة السواحلية محمد صالح عبد الله الزنجباري مؤلف المجموعة القصصية «كوروا ودوتو» ، ومحمد سعيد عبد الله من زنجبار مؤلف أول الروايات البوليسية بالسواحلية ومن أعماله: «مزيمو وواتووكاله»

أما لغة البانتو: فلم تعرف الكتابة إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مع ازدياد نشاط البعثات التبشيرية، حيث تُرجم “الكتاب المقدس” و”رحلة الحج” إلى بعض تلك اللغات، وتمّ إصدار بعض الصحف باللغات المحلية المكتوبة بحروف لاتينية، وكان توماس موكوبو من ليسوتو في طليعة روادها، وأشهر أعماله الروائية “شاكا”يليه في الشهرة والأهمية أ.س. جوردان مؤلف قصة “غضب الأجداد ”

أما الأدب في لغة “اليوربا” فتتسم القبائل اليوروبية بتراثها الممزوجة بالأساطير والقصص الشعبية والأغاني، أما أدبها المكتوب فبدأ بالظهور منذ عام 1844م بترجمة مقاطع من الكتاب المقدس، كما كتب بعض اليوروبيين عدداً من القصص، وكان الزعيم اليوروبي الشعبي (فاجونوا) من رواد القصة بهذه اللغة، فأصدر قصة “غابة الإله” سنة 1947، وتولد من هذه المجموعة منذ 1970 آلاف القصص التي تحكي مغامرات أسطورية شعبية عن السحر والتقمص والوحوش، الا ان كتّاباً آخرين فضّلوا الخروج على هذا التقليد، فكتب دلانو أول سلسلة من القصص الواقعية بعنوان: «إنه عالم الرجل الأبيض».

أما المسرح فكان للأدب اليوروبي فيه مجال واسع، حيث أسس الكاتب هوبرت أوغوند في الأربعينات أول فرقة مسرحية قدمت مسرحيات هزلية ناقدة «العقلية الأوربية» في عام 1964 ، ثم قام أغوغولا بحملة إصلاح مسرحي واسعة شملت النصوص والإخراج والموسيقى التصويرية ، وتعد مسرحيات «حب المال»  و«شاربو خمر التمر» المقتبسة من قصة لتوتولا من أشهر أعماله، أما المسرحيات الأدبية فأشهرها «ثلاث مسرحيات يوروبية» لاورو لاديبو  وتحكي تاريخ مملكة يوروبا، وربما كانت اليوروبية اللغة الإفريقية الوحيدة، باستثناء اللغة العربية، التي تصدر بها مجلة أدبية هي «أولوكوم» التي صدرت عام 1971 عن جامعة ايبادان مرتين في السنة.

اللغات الإثيوبية: تعد الجعزية أقدم لغة إفريقية مكتوبة، وتعود أصولها إلى العربية الحميرية والظفارية في اليمن، وتكتب من اليسار إلى اليمين بحروف خاصة، وهي لغة الكنيسة الإثيوبية، وتزاحمها الأمهرية القريبة منها، وهي اللغة الرسمية في إثيوبيا، والتيغرية والتيغرانية المتفرعتان منها. وتعزى أقدم المأثورات المدونة باللغة الجعزية إلى القرن الثالث الميلادي، وترجم الكتاب المقدس ( الانجيل ) إليها في القرن الخامس.

  • الأدب الافريقي المدون بلغات اجنبية:

الفرنسية: انتشرت الفرنسية بين المثقفين الأفارقة الذين نشؤوا في المناطق الخاضعة للنفوذ الفرنسي، أو الذين تلقوا تعليمهم في فرنسا، ومنهم بعض الكتاب الذين حازوا علي شهرة كبيرة، وكانت الكتابات التي نشرها بعض مستكشفي القارة ومستعمريها والمبشرين مقدمة لمجموعة من المؤلفات الوصفية التي تصف القارة وسكانها، وفي طليعتها “رحلة تومبكتو ودُجينة”  لـ  René Caillé، ثم بدأت تظهر بعض كتابات الأفارقة أنفسهم من أمثال “عثمان سوسيه” من السنغال، “وبول هازومي” من داهومي، “ورونيه ماران” من غينيا الذي كان في طليعة الكتاب الأفارقة الذين جابهوا الاستعمار وكشفوا عن مخاطره وأعماله، ويعدّ مؤلَّفه “باتولا” الفائز بجائزة غونكور الأدبية بداية حقيقية للأدب الإفريقي المكتوب بالفرنسية.

أسهمت الدراسات الخاصة بعلم الأجناس في ازدياد تمسك الأفارقة بماضيهم، واعتزازهم بأنفسهم، وتقديرهم لتراثهم وتقاليدهم في داخل القارة وخارجها فنشر د. جان برس مارس كتاب «هكذا تكلم العم» في هاييتي في عام 1928 وكان لعمله هذا أثر كبير في تعميق تلك المشاعر لدى الزنوج وازداد هذا الأثر عمقاً مع نشر بيان المثقفين الأفارقة «الدفاع الشرعي عن النفس» في 1932 وصدور صحيفة «الطالب الزنجي» في باريس عام 1934التي تولى تحريرها   Senghor من السنغال وليون غونتران داماس من غويانا وإيميه سيزير Césaire من المارتنيك، فنشطت حركة الأدباء الأفارقة ، حيث أصدر هؤلاء الثلاثة مجلة «الوجود الإفريقي» (1947) التي تعد أول مجلة أدبية إفريقية تصدر بالفرنسية، وكان لها أثر ظاهر في إذكاء فكرة الزنوجة التي نادى بها كثير من الأدباء الأفارقة.

ضم الجيل الثاني من الأدباء مجموعة من الكتاب الذين بدأت مؤلفاتهم تظهر في الخمسينات مثل “مونغو بيتي” و”فرديناند أيونو” و”سمبين عثمان “و”جبريل تامسير” و”جان مالونفة” و”نازي بوني” الذين دعوا إلى تأكيد الهوية الأدبية الإفريقية من دون تعصب للعرق الزنجى، أما الأدباء الأفارقة الشباب الذين ظهرت أعمالهم في مرحلة ما بعد الاستقلال فقد أثاروا المشكلات الناجمة من التفاوت الكبير بين البيئتين الغربية والإفريقية، كما هو الشأن في رواية «المغامرة الغامضة» للشيخ حميدو كان ويتجه بعض الكتاب إلى تصوير الأوضاع المضطربة في بلادهم بعد استقلالها مثل أحمد كروما في روايته «شموس الاستقلال» وكمارا لاي في روايته «دراموس»  التي يهاجم فيها تسلط الحزب الحاكم في غينيا.

الانجليزية :  تعدّ الكتابات التي نشرت في إنجلترا، والتي كتبها أفارقة بيعوا هناك أو ولدوا عبيداً ثم اعتقوا، من أوائل ما كتبه الأفارقة بالإنجليزية ومنها  رواية «الإفريقي» في 1789  وهي أول سجل كتبه إفريقي عن وطنه الأصلي.وفي القرن التاسع عشر، ومع انتشار المدارس التبشيرية، نشر بعض الأفارقة أعمالهم بالإنجليزية في موطنهم الأصلي ومنهم صموئيل أدجاي كروثر وأفريكانو هورتون وإدوارد بليدن.وفي مطلع القرن العشرين كتب جوزيف كاسلي هايفور ” إثيوبية غير المقيدة” ، وهي مزيج من القصة والسيرة الذاتية، وبشر فيها بظهور حركة الزنوجة.

وكان من نتائج الحركة الأدبية التي نشطت في باريس منذ الثلاثينات أن صدرت في نيجيريا مجلة Black Orpheus  التي عنيت بنشر أعمال الكتاب الأفارقة المكتوبة بالفرنسية ومترجمة إلى الإنجليزية، وفي مطلع الستينات أصبحت الأحوال مواتية للتخلي عن نهج الكتاب الأفارقة الذين يكتبون بالفرنسية، وكانWole Soyinka   في طليعة الدعاة إلى هذا الاتجاه، فازداد نتاج الأدباء الأفارقة بالإنجليزية، ونشرت عدة روايات ودواوين شعرية تتناول المشكلات الناجمة من اضطراب الأوضاع السياسية بعد الاستقلال، وتنتقد الأوضاع السائدة في المستعمرات الإنجليزية القديمة، وتنبه على خطر المبشرين الأوربيين.

ومن أبرز كتاب هذه المرحلة: الروائي النيجيري شينوا آتشيبي ، وتعد رواية «الأشياء تتداعي »الصادرة عام  (1958) من أفضل أعماله، وألكس لاغوما من جنوب إفريقيا، وتعكس أعماله القصصية روح النضال ضد التفرقة العنصرية، والشاعر الأوغندي أوكوت بيتيك الذي خصص معظم قصائده الطويلة لانتقاد الواقع السياسي في بلاده بعد الاستقلال، والشاعر الغاني كايبر منسا الذي حاز جائزة المارغريت الأدبية عام1970 ، ويضاف إلى هؤلاء مجموعة أخرى كبيرة من الأدباء الأفارقة الزنوج الذين استوطنوا أمريكا  ويعد أدبهم في عداد الأدب الأمريكي لدى معظم الدارسين.

البرتغالية ما زال معظم النتاج الأدبي المكتوب بالبرتغالية بعيداً عن التناول، فلم يشتهر منه سوى أعمال قليلة، وكان الكتاب الأفارقة في البرتغال قد أسسوا عام 1948 تجمعاً أدبياً وبدا هؤلاء الكتاب متأثرين بأسلوب سنغور في مؤلفات ماريو دي أندراد الذي يعِّرف الشعر الإفريقي المكتوب بالبرتغالية في كتابه «مختارات من الشعر الزنجي بالبرتغالية»  وأنطونيو جاسينتو وأوغوستينو نيتو وكذلك القصائد التي نظمها شعراء موزامبيق والرأس الأخضر وساوتومة.كما برز في ميدان القصة كل من  ” Jose Craveirinaha” و “Lourenco Marques Maputo” و Luis Bernando Honwana” ” .

جهود الحفاظ علي الإرث الادبي الافريقي

في الوقت الراهن هناك جهودٌ حثيثة يقوم بها الأفارقة أنفسهم لضبط هذا التراث الشعبى الذى غالباً ما يكون شفوياً وغير مكتوباً وتدوينه وتصنيفه وإحيائه والتعريف به والمحافظة عليه، إلاّ أن العملية في حدّ ذاتها تعتريها صعوباتٌ جمّة من بينها:

-قلة الموارد المالية، وانعدام الخطط العلمية والمنهجية لتقوم بها دوائر بحثية متخصصة.

-الجهود الفردية غير الموظفة توظيفاً جيداً داخل نطاق عمل شمولي .

-تعدد اللهجات الإفريقية المحلية في القارة، بل حتى في البلد الواحد مما يصعّب من عملية الجمْع والتوثيق لهذه الاعمال.

-الافتقار الي الجانب الترويجي والنشرالدعائي لهذه الاعمال نظراً للاشكالية السابقة .

-اقتصار الجمع والتدوين علي اللغات الأوروبية مما يحد من استفادة المواطن الإفريقي وربطه بثراثه الادبي .

-اللغط القائم بين المنطوق والمكتوب في الدول الافريقية التي نالت استقلالها وأبقت علي لغة المستعمر واندثرت لغته المحلية.

-الجهود التي يبذلها الأفارقة أنفسهم من كُتّاب، وباحثين، وجامعيين خارج القارة ولاسيّما في أوروبّا وأمريكا انما تخدم الغربيين أكثر ممّا تخدم الإفارقة انفسهم.

ومع أنه لا يمكن الادعاء بوجود وحدة ثقافية أصيلة بين الشعوب الكثيرة التي تعيش في هذه القارة، إلا أنه لا يمكن أيضاً إنكار الملامح الحضارية المشتركة التي تعم شعوبها ولاسيّما شعوب جنوب الصحراء الكبرى، وقد بدأت هذه الملامح تظهر بعد الحرب العالمية الثانية ، إذ أخذت تبرز حالة من الوعي السياسي الذي يدل على الانتماء الحضاري للأفارقة، وذلك من خلال بعض الحركات أو التنظيمات الإفريقية مثل حركة عموم إفريقيا .ولعل من الضروري التنبيه على أهمية معالجة المظاهر الحضارية في القارة الإفريقية بعيداً عن الحضارة العربية في شمالي القارة حيث تسود الثقافة العربية الإسلامية، وهي حضارة ذات ملامح خاصة ومنفصلة عن الحضارة الإفريقية في مناطق أخرى.

ويمكن القول إن مجمل ما وصل إلينا من هذه الآداب الشفوية يدور حول الخرافات والأساطير التي تشوبها المبالغة، ويختلط فيها الواقع بالخيال المجنح، إضافة إلى بعض الأشعار المروية بلغة البوهل والفوتا ـ جالون والمالينيكية، والسوندياتية، وأشعار مملكة رواندة المقدسة، وأشعار اليوروبا والتراكاراس، كما أسهمت الفنون الاحتفالية (المسرحية) بدور مميز في هذه الآداب، وتضمنت نقداً اجتماعياً. وقد تراجعت هذه الآداب مع بداية التوسع المدني، وما رافقه من تحولات أدت إلى ظهور الآداب المكتوبة

أدباء أفارقة ينتزعون نوبل للآداب:

تري دومينيك رانيفوزون المستشرقة الفرنسية أن إفريقيا الحالية لم تعد إفريقيا السوداء التي كانت تمثّل الفضاء الأسطوري، والخرافي الأكثر غموضا، والفضاء البكر الذي يغري المكتشفين، والباحثين في الانتروبولوجيا، والجيولوجيا،  بل أصبحت منذ سنوات قبلة النقاد والباحثين في الأدب، فقد قدّم الأدب الإفريقي خصوصية جديدة للمكتبة الأدبية العالمية، واستحق من خلالها انتزاع جوائز عالمية كبرى أهمها نوبل ومنهم :

-نجيب محفوظ :وهو روائى مصرى حائز على جائزة نوبل فى الآداب عام 1988، ولقب بأبو الرواية المصرية،تميزت أعماله بالواقعية ومحاكاة الواقع الحياتى والمجتمعى ،ومن أشهر رواياته “الحرافيش”،”عبث الأقدار”،”الثلاثية” وهى الرواية الأوسع جدلاً بعد أولاد حارتنا .

-وولي سوينكا : وهو كاتب نيجيري ، ويعد افضل كاتب مسرحي في افريقيا قاطبة ، حائز علي جائزة نوبل عام 1986 ، وكان اول كاتب افريقي يحصل علي جائزة نوبل ، وكان يتبني في كتاباته اشكالية “كبت الحريات والفصل العنصري ”

-نادين غورديمر: وهي كاتبة من جنوب افريقيا ، حصلت علي جائزة نوبل للاداب عام 1991عن اعمالها المناهضة للتمييز العنصري في بلدها .

-جون ماكسويل كوتسي : وهو من جنوب افريقيا ، عمل كاستاذ للادب  في جامعة كيب تاون ، حاز علي جائزة نوبل للاداب عام 2003 ليصبح بذلك رابع كاتب افريقي يحصل علي هذه الجائزة الرفيعة منذ الثمانينيات ، كما يعد اول كاتب يحصل علي جائزة ” بوكر العالمية ” المرموقة للاداب مرتين أولهما في 1983 وثانيهما في 1999 .

-توني موريسون : روائية امريكية – افريقية ، ولدت في اوهايو ونالت جائزة نوبل للاداب عام 1993عن مجمل اعمالها الادبية ، ، كما حازت علي جائزة بوليتزر عن روايتها ” محبوبة ” ، وترجمت اعمالها لمختلف اللغات العالمية ومن بينها العربية .

والواقع ان مجمل الانتاج الأدبي الإفريقي يُظهر أن غالبية الكتاب الأفارقة المعاصرين واقعون تحت تأثير تيارين قويين، يتمثل أولهما في محاولة تعميق الارتباط بجذورهم، والثاني في خلق لغة خاصة تتصف بالشمولية والعالمية في آن واحد كما يتبدى في أعمال جان بليا وفيليكس كوشورو وفرانسي بيبي ورونيه فيلومبي، كذلك تتضح خصائص الأدب الإفريقي إبان الاستعمار حيث اتصف بالشمولية علي مستوى القارة، ثم بدأت تتضح بعد الاستقلال الصفات النوعية المميزة لكل بلد أو مجموعة عرقية علي حدا، بيد أن القاسم المشترك بين مختلف أدباء القارة إنما يتجلى في انشغال الأدباء الأفارقة بالتصدي للمشكلات الكثيرة التي تواجه هذه الدول الفتية، وتطبع آدابها بطابعها  في محاولة للحفاظ علي الهوية الثقافية الافريقية والترويج لآدابها التي كانت بمثابة الرماد المحترق لسيادة الاستعمار والطمس المتعمد لماهية الثراث الافريقي.

 

اظهر المزيد

savannahafrican

فريق التحرير موقع سافانا الثقافي
زر الذهاب إلى الأعلى