سافانا الثقافي – افريقيا تصدر الجرافيت للعالم، في أكتوبر من العام الماضي. أصدرت السلطات الصينية في بكين قرارًا بتشديد ضوابط التصدير على بعض أنواع الجرافيت. المعدن الحيوي في إنتاج البطاريات والأجهزة الإلكترونية. بررت الصين خطوتها بأنها تهدف إلى “حماية الأمن والمصالح الوطنية”. ولكن هذا القرار أثار مخاوف جادة في كوريا الجنوبية، لذلك قررت بعض الدول مثل كوريا الجنوبية بالتوجه إلى افريقيا للحصول على الجرافيت.
افريقيا تصدر الجرافيت للعالم
تعتمد شركات الإلكترونيات العملاقة في كوريا الجنوبية مثل إل جي وسامسونج. بشكل كبير على واردات الجرافيت من الصين وغيرها من الأسواق الخارجية لإنتاج السلع الأساسية، وخاصة أشباه الموصلات. أشباه الموصلات هذه هي مكونات أساسية لمجموعة واسعة من الأجهزة الإلكترونية الحديثة والتي تعد ضرورية للاقتصاد العالمي الحالي.
ولمواجهة هذه التحديات، قررت كوريا الجنوبية التوجه نحو إفريقيا. خصوصًا إلى موزمبيق وتنزانيا، اللتين تمتلكان احتياطيات ضخمة من الجرافيت. هذا التحول يعكس الأهمية المتزايدة للقارة الأفريقية في الجوانب الجيوسياسية والاقتصادية وتعزز من افريقيا لتصدر الجرافيت للعالم. وتعزز كوريا الجنوبية علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول الأفريقية استجابةً للتطورات العالمية، مستفيدة من الثروات الطبيعية الهائلة في القارة مثل الجرافيت والسيليكون والكوارتز.
التركيز على الدبلوماسية واستيراد الطاقة
لم تكن كوريا الجنوبية وحدها في هذا التحول بل زادت كل من الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والمملكة العربية السعودية والهند والصين من استثماراتها الدبلوماسية والمالية في إفريقيا. وهذا الاهتمام العالمي يعكس القيمة الاستراتيجية المتزايدة للمعادن الحيوية في إنتاج أشباه الموصلات، التي تُعتبر أساسية لعدد لا يُحصى من الأجهزة الإلكترونية بما في ذلك الهواتف الذكية وأنظمة الدفاع وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
وعلى الرغم من ثراء القارة الأفريقية بالموارد الطبيعية، إلا أن حصتها في السوق العالمية لأشباه الموصلات كانت حتى الآن محدودة. بلدان مثل جنوب إفريقيا ومصر والجزائر والمغرب ونيجيريا تقتصر في الغالب على تصدير المواد الخام إلى الشركات المصنعة في الخارج، مما يحرمها من قيمة مضافة عبر عمليات التصنيع المتقدمة.
تطوير الصناعة في إفريقيا
هناك بعض الاستثناءات، مثل شركة Si-Ware Systems في القاهرة، التي حققت نجاحًا ملحوظًا في مجال أشباه الموصلات القائمة على السيليكون. ومع ذلك، تحتاج إفريقيا إلى تعزيز قدراتها في عمليات البحث والتصميم والاختبار، فضلاً عن تصنيع الذاكرة المحمولة. بدأت بعض الدول مثل جنوب إفريقيا وكينيا باتخاذ خطوات أولية في هذا الاتجاه، بإنشاء مراكز للبحث والتطوير.
ويشير الخبراء إلى أن إفريقيا يمكنها تبني النموذج الذي اتبعته دول جنوب شرق آسيا في السبعينيات والثمانينيات، حيث استثمرت الشركات متعددة الجنسيات بشكل كبير في تطوير صناعة الإلكترونيات الاستهلاكية. يمكن للحكومات الأفريقية، بدعم من الدول الغربية، جذب الشركات التكنولوجية الكبرى لإنشاء مراكز تصنيع وبحث وتطوير في القارة.
الاستثمارات والتعاون الدولي لأفريقيا
بدأت بعض الشركات العالمية بالفعل في الاستثمار في إفريقيا. على سبيل المثال، أنشأت جوجل مركزًا للتكنولوجيا في أكرا، غانا، وافتتحت مايكروسوفت مكاتب لمركزها التنموي في نيروبي ولاجوس. هذه الاستثمارات تمثل بداية مشجعة ولكنها تحتاج إلى مزيد من الدعم والتوسع.
وتشير الاتجاهات الحالية إلى أن المزيد من الشركات تتبنى استراتيجية “الصين زائد واحد”، التي تعني تنويع سلاسل التوريد بعيدًا عن الصين نظرًا لارتفاع التكاليف والمخاطر الجيوسياسية. إذا تمكنت إفريقيا من تحسين بيئة الحوكمة والاستثمار، يمكنها جذب المزيد من هذه الشركات والاستفادة من التحولات في السوق العالمية.
الخاتمة
تشكل هذه الاتجاهات فرصة كبيرة لأفريقيا لتطوير دور أكثر تأثيرًا وقيمة في سلاسل التوريد العالمية لأشباه الموصلات. رغم التحديات القائمة مثل الحاجة إلى رأس المال الأجنبي وتطوير المعرفة التقنية، فإن الموقع الجغرافي والموارد الطبيعية للقارة تجعلها مرشحة قوية لتصبح لاعبًا رئيسيًا في هذه الصناعة. تحتاج إفريقيا إلى استراتيجية متكاملة لجذب الاستثمارات وتحقيق النمو المستدام، مما سيساهم في تعزيز دورها الاقتصادي على الساحة العالمية.
إقرا المزيد:
- أقدم الصور في تاريخ جنوب افريقيا عام 1897
- الصومال المرتبة الأولى عالميا من حيث عدد المواشي
- اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي بين تركيا والصومال