سافانا قصةسافانا مختارات

قصة “القاتلُ الأحمق يتركُ مذكرةً للشرطة” الكاتبة منال عبدالحميد

بخطِّ يدِه.. القاتلُ الأحمق يتركُ مذكرةً للشرطة ! بخطِّ يدِه تركَ "جوربي" دليلَ إدانته الدّامغ!

سافانا الثقافي – قصة القاتلُ الأحمق يتركُ مذكرةً للشرطة” الكاتبة منال عبدالحميد” بخطِّ يدِه تركَ “جوربي” دليلَ إدانته الدّامغ!

قدْ يبدو الخطأ الذي اقترفَه ” أنجيلو لاماركا” ساذجًا وعبيطًا حقًّا, لكنَّ “أولن جوربي” كان من المفترض أن يُحاكَم بالفعل, ليسَ بسبب جريمة القتل التي ارتكبها؛ بل على الكمِّ الهائل من الغباء الذي يتمتَّع به!

“أولن جوربي” Olen Clay GORBY رجلٌ بلا بيت أو أسْرة, يأوي في بعض الأحيان إلى مأوى للمشرَّدين في مقاطعة كاونتي, فلوريدا, كما أنَّه كان كثيرَ التنقل عبر الولايات الجنوبية من أمريكا.

وفي صباح يوم 6 مايو عام 1990, كانت امرأةٌ تمرُّ بقرب منزلِ جارها السيد “ج أ رابورن” فرأتْ شيئًا غير عادي, ورقة مثبَّتة على الباب الأمامي, ولما اقتربتِ الجارة ودقَّقت في الورقة, وجدت أنَّه مكتوب عليها ملاحظة تقول إنَّ السيد “رابورن” سوف يعودُ إلى منزله بعدَ يومين, أي الثلاثاء. كانت الملاحظةُ عادية, لكنْ ما ضرورتها يا تُرى؟!

شكَّت الجارة في الأمر, ويبدو أنَّ فضولَ المرأة غلبها, ولما كان جارُها السيد “رابورن” مُعاقًا ووحيدًا؛ فقد أعطاها نسخة من مفْتاح منزله لتطمئنَّ عليه من حينٍ لآخر, لكنْ عند دخولها بيته هذه المرَّة وجدته قتيلًا مهشَّم الرأس في الحمام!

 

gorby_olen_c

هُرِعت المرأة تطلبُ النجدة, وبدأ البحثُ عن الفاعل, وكانت المذكرةُ التي كُتبت على أغلب الآراء بواسطة القاتل نفسه, فقد أصبحتْ أهمَّ دليل يمكن أن يرشدَهم إلى مَن فعل ذلك بالرجل الوحيد طيب القلب.

ولسوء حظِّ القاتل مرتين فإنه كان قد شوهِد بالفعل رفقةَ المجني عليه قبلَ اكتشاف الجريمة بيومٍ واحد, “أولن كلاي جوربي” شوهد عن طريق عددٍ من الجيران في اليوم السابق مع “رابورن”, الذي سبقَ وأن عهدَ إلى الأوَّل بالقيام ببعض الأعمال في منزله عدَّة مرات.

كان منزلُ الضحية قد تعرَّض للسرقة, وأخذ القاتل سيارةَ الضحية, إضافةً إلى بطاقات الائتمان الخاصة به, وتابعتِ الشرطة عملياتِ استعمال هذه البطاقات, فسجَّلت عمليات شراء تمت بواسطتها في فلوريدا ولويزيانا وتكساس, وجدتْ سيارة القتيل في تكساس, ووجدت “جوربي” هناك أيضًا, وأعِيد إلى فلوريدا, التي وقعتْ فيها الجريمة؛ لمحاكمته!

كانت هناك بصمةٌ تخصُّ “جوربي” في مطبخ بيت القتيل, لكنَّ المذكرة المكتوبة بخطِّه كانت هي الدليلَ الأهمَّ ضدَّه. زعم “جوربي” أنه لم يقتل “رابورن”؛ بل إنَّه دخلَ المنزل فوجدَه مقتولًا فاستولى على البطاقات والسيارة وهرب.

لكنْ ظلَّت عملية كتابته للمذكرة دليلَ إدانة لا يدحَض ضدَّه, لكن هل هو فعلًا مَن كتبها؟!

هنا, جاء دور خبراءِ الخطوط, وطُلب من “جوربي” أنْ يكتب نفسَ النَّص الذي وجد على المذكرة, المتروكة على باب منزل الضحية, أكثرَ من عشرين مرَّة, ورغم كلّ محاولاته لتغيير خطِّه بشكل ما, لكن السمات الفريدة لبعْض الحروف لديه كانت واضحةً جدًّا في العشرين نموذجًا, وصارَ من المؤكد أنَّ “جوربي” هو نفسه مَن كتب المذكرة بخطِّ يده!

أدينَ “جوربي” بتُهَمتي السرقة والقتل, ويومَ 30 أغسطس عام 1991م حُكم عليه بالموت جزاءً وفاقًا لإجرامه وغبائه في نفس الوقت!

إنَّ إفلاتَ “جوربي” من تهمة القتل كان واردًا جدَّا, بغضِّ النظر عنِ البصمة الوحيدة في موقع الجريمة, ما لم يتطوَّع هوَ بكتابه هذه الملاحظة البائسة الخرقاء!

رُفضت كلُّ محاولات الاستئناف, ونقْض الحكم التي قدَّمها “جوربي”, وشخصيًّا أعتقدُ أنَّ إعدامه هو عمل كبيرٌ من أعمال البرِّ تجاه الإنسانية!

 

اظهر المزيد

manal

منال عبد الحميد كاتبة روائية وقصصية، وكاتبة مقالات مصرية
زر الذهاب إلى الأعلى